لا يمكنك أن تفصل ما يجري حولك عن حياتك اليومية.. ولا يمكنك أن تمنع تداخله معها حتى وإن لم يكن يخصك أو يعنيك.. ولكنك تتحرك داخله.. ولا يمكنك أن تنفصل عن دائرة الضغوط اليومية.. مهما حاولت الهروب.. أو الابتعاد وتشكيل دائرة صغيرة مهادنة.. وهادئة تلتمس البقاء داخل حدودها.. وغض النظر عن كل تحرك أو انفجار في الجهة المقابلة..! هل لأنك جزء من هذا العالم فقط؟ أم لأنك لا تستطيع ممارسة حياتك دون تأثر بما يدور حولك؟ أم أنّ خياراتنا في تحديد ما يلتبس علينا في الحياة.. تظل صعبة وقاسية تسرق منّا هدوء النفس وسكينتها؟ تسمع أحدهم يقول ببرود إنه لا عليه بما يجري حوله سواء من الأمور الخاصة أو العامة.. المستجدات.. أو ما هو ثابت ولكنه مؤثر.. يخبرك بأنه اعتاد أن يرى ما يريد أن يراه فقط.. ويغفل ما لا يريد رؤيته.. لا يهمه أن يتوقف أمام ما يستفز الناس رغم أنه لا يعنيهم.. ولا يهمه أن تحمل الرياح أتربتها وتغلف الأجواء طالما لم تصل إليه.. ولم تعبئ رئتيه بحضورها..!! هو يعيش كذلك هل لأنه تعلم ممارسة هدوء النفس.. وملامسة إحساس أن يكون ساكناً؟ ولماذا يتحرك ببرود وتروّ من داخل الفوضى التي تحاصره؟ هل لأنه يعتقد أن انضمامه إلى الفوضى لن يغير من الأمر شيئاً؟ أم أنه يمتلك قدراته الخاصة التي تمكنه من إنكار الفوضى وكأنه لا يراها.. وهذا هو المذهل.. بالنسبة لمن يراه يتصرف كذلك.. بينما هو يعتقد أنه يمارس طبيعته العادية.. والتي تتوقف أمامها تستجدي معرفة إمكانياته التي تخوله بأن يتعامل مع العالم حوله بقناعاته.. ولا يراه إلا من خلال منظوره هو الذي قرر أن يراه به..! هل يتشابه البشر في التأثر بما حولهم؟ ولماذا يسكن أحدنا نفسه الريح وعقله الصدى.. وآخر لا يكترث بما يجري ويبقى متوازناً كما أراد أن يعيش رغم كل الضجة التي حوله؟ ولماذا تتراكم علينا الهموم والضغوط.. ولا نلتمس لحظات للهروب منها؟ تنظر إلى الناس والأشياء بقلبك فتتوجع.. ثم تغير لتنظر بعقلك فتتألم.. وما بين المزج بين العقل والقلب تفقد التوازان أحياناً ويحاصرك الملل.. ملل تكرار الصور المؤلمة.. وملل من الضغوط اليومية خاصة وأن الإنسان كتلة من المشاعر والأعصاب.. وهذان المكونان يتأثران بشكل كبير بالانفعالات التي نتعرض لها كل يوم.. ونعاني منها..! ولكن ماذا نفعل عندما تصبح هذه الانفعالات عبئاً على الصحة والحياة اليومية..؟ وهل يمكن التخلص منها بشكل تدريجي حتى لا تتراكم وتسبب لنا مشكلة صحية أو نفسية؟ علماء النفس ينصحون بالتالي: - تختلف أطباع البشر فمنهم من يتكلم عمّا يؤذيه مباشرة ولأي كان.. ومنهم من يخصص الكلام لمن يريحه ومنهم من يكبت ويفضّل السكوت والاحتجاج ولكن يظل الحل الأساسي والأهم والذي تعتمد عليه كل العلاجات النفسية هو إخراج الكبت بالكلام.. والانتباه أمام من تتكلم وبأي طريقة.. ولكن تحدث عما يزعجك وعما يوترك في لحظته قبل أن يمتزج مع مشاكلك الأخرى ويصبح أصعب وأقسى..! - هل تعرف أن المشاكل النفسية والأزمات والصدمات اليومية مع تفاوت نسبها وأحجامها تولّد في داخلك الطاقة؟ ولكن للأسف "طاقة سلبية".. قد تنفجر غضباً لا تعرف سببه لذا يُنصح بنشاطات تساعد على إخراج هذه الطاقة بأقل ضرر ممكن بمشاهدة شيء ما يدفعك للبكاء كفيلم مضحك أو درامي أو ممارسة جلسة رياضة تتعبك..! - الاستشارات.. وجود الحكماء والعقلاء ليس أمراً عشوائياً في حياتنا فالتمسك بهم به نبع من الفوائد.. أكانوا أصدقاء أو أساتذة أو حتى أخصائيين نفسيين.. لأنك ستحتاج للاستشارة ذات يوم.. أو الاستماع لكلام داعم أو حتى مؤنب.. ولكن من شخص تثق به وتعرف أنه لا يتمنى لك إلا الخير..! - لأن المشاكل في حياتنا لا تعرف نهاية ومستجدة دوماً طالما بقينا على قيد الحياة من الضروري جداً ومن دون تلكؤ أن نحل كل أزماتنا التي نستطيع حلها بغض النظر عن تعقيدها وصعوبتها وثمنها وإلا حملناها ندباً في نفسيتنا تتفاقم آثارها عند العقبة الأولى..!! من تجربتي أؤمن أن كل شخص لا يستطيع الانفصال عن تأثير ما يجري حوله يحتاج إلى "الفضفضة" وهي الأهم مع صديق يتفهم نفسيتك وتثق فيه جيداً ويستوعب تفكيرك حتى وإن لم يكن يرى ما تراه بنفس النظرة ولكن يلتقي معك في قراءة المشهد وتفنيده.. يسمعك وترتاح إليه.. ليأخذ منك ما تحمله بهدوء وتفهم.. هذه الفضفضة تُريح وتهدئ النفس أفضل من طبيب نفسي.. وتساعد على التخلص من الهموم والمشاكل.. الحديث وحده هو الحل؟
مشاركة :