عاصفة الحزم.. استنطاق للعقل - نجوى هاشم

  • 3/31/2015
  • 00:00
  • 9
  • 0
  • 0
news-picture

في ختام القمة العربية التي عقدت السبت والأحد الماضيين في شرم الشيخ اتفق القادة العرب على إنشاء قوة مشتركة لمواجهة التحديات وصيانة الأمن القومي العربي.. وفق ماورد في البيان الختامي للقمة مؤكدين أن التدخل في اليمن سيستمر حتى انسحاب الحوثيين وتسليم أسلحتهم.. وأعلن نبيل العربي الأمين العام للجامعة العربية أن التدخل العسكري للتحالف العربي في اليمن لن يتوقف ما لم يقم المتمردون الحوثيون بتسليم أسلحتهم والانسحاب من المناطق التي يسيطرون عليها.. كما تضمن البيان الختامي الاتفاق على إنشاء قوة تدخل عربية تشارك فيها الدول اختيارياً. أهمية هذه القمة للعرب أنها تأتي في ظرف استثنائي عربي وبعد ايام من بدء "عاصفة الحزم " التي تقودها المملكة العربية السعودية وشاركتها دول عربية أخرى وإسلامية وصلت إلى عشر دول.. مع مساندة أجنبية وغربية غير مسبوقة لقصف مواقع في اليمن بهدف وقف زحف الحوثيين والقوات الموالية لهم من الجيش اليمني صوب عدن التي فر ولجأ إليهاالرئيس عبد ربه هادي بعد فترة إقامة جبرية فرضت عليه في صنعاء من قبل الحوثيين..! في القمة أكدالملك سلمان بن عبدالعزيز في كلمته "بأن عاصفة الحزم سوف تستمر حتى تتحقق جميع الأهداف وينعم الشعب اليمني بالأمن والاستقرار".. حديث الملك سلمان في افتتاح القمة جاء كبيان ختامي لها وهو ما تحقق فيما قاله نبيل العربي.. هذه القمة بدت وكأنها قمة الحرب للمرة الأولى.. وانطلقت بعد ايام قليلة من قيادة السعودية لتحالف عسكري ضم عشر دول ليل الأربعاء الماضي لشن غارات جوية على مواقع المتمردين الحوثيين الذين سيطروا على اليمن واغتصبوا السلطة وفرضوا على الرئيس الشرعي إقامة جبرية وتفردوا بكل شيء بمعاونة الرئيس السابق على عبدالله صالح واعتقدوا أن ما يقومون به هو حق مشروع لن يتمكن أحد استلابه منهم خاصة وأن فكرة ماايقومون به في اليمن تعتمداعلى أن الأحداث نص مغلق.. وكأن تلك الجماعات فقط من بإمكانها قراءته صفحة صفحة ومن ثم فتح الأفق للانطلاق..! لم يدر بذهن جماعة الحوثي على الإطلاق أن تحل السعودية وبقوة هذا الغرور وتكسره وتوقف الزحف نحو عدن.. ولم يتخيل الحوثي ومواليه أن السعودية ستمسك بمبادرة الحل العسكري وبسرعة لتعيد الحقوق إلى أصحابها الشرعيين.. بعد أن حاولت كثيراً بعقلانية القيادة السعودية المعروفة أن تفتح للجميع أبواب الحوار لمصلحة اليمن أولا كخاصرة للمملكة.. وكحدود مشتركة وارتباطات إنسانية وتواصل ممتد لا تغيره القيادات ولا سنوات الخلاف.. تعثر الحوار عدة مرات وفشلت الأمم المتحدة في التوصل لما يرضي اطراف النزاع.. وتمددت الجماعة بقوة والسعودية تراقب بهدوء وترو.. ورغم مغادرة هادي صنعاء وتحوله إلى عدن واعتبارها عاصمة للشرعية واصل الحوثي تقدمه إلى عدن بدعم من قوات على عبدالله صالح وايضاً الإمدادات التي تواصلت من إيران الحالمة بالسيطرة على الجزيرة العربية عبر أذرعها ومليشياتها في الوطن العربي.. هذا التقدم كان مدعوماً برؤية إستراتيجية ثابتة وهي أن لا أحد سينقذ اليمن من هذه المليشيا أو سيوقف زحفهم للاستيلاء على اليمن كاملا ً..! في المقابل تعاملت السعودية مع الأمر من منطلق فكرة أننا نجيء من المستقبل وليس الماضي الذي بنى عليه الحوثي فرضيته.. وبأن السعودية ستظل تجاه هذا الموقف مناشدة بمبدأ الحوار وقد ترد لو اعتدى عليها كما حصل في م.. اعتقد الحوثي وشركاؤه أيضاً أن جدارهم عال ومن الصعب على المملكة اختراقه.. ولم يفكروا في أن المملكة قادرة وقتما تشاء على اختيار لغتها وشكل تعاملها وطريقتها التي سوف تصوغ بها احتمال الدفاع عن نفسها وقتما تشاء.. وفي اللحظة التي لايمكن للحوثي أن يتبين أن هذا الاحتمال جدي أو ممكن حدوثه.. فكرت الجماعة بطريقة المنتصر الذي يكتفي بالنظر تحت أقدامه فقط ويحتفي ملجوماً بذكريات الماضي.. ونسي أن العقلانية هي تجاوز الواقع وعدم الانكفاء على النفس دون إدراك ما بإمكان الآخر أن يفعله..! أطلقت السعودية "عاصفة الحزم"مع التحالف بعد أن مرّت بفترات صبر شجاعة وتحمل هادئ على ما يجري في اليمن من عبث الحوثيين بمقدرات هذا البلد الذي عانى ولايزال بتاريخه العريق الذي سيظل إيجابياً مهما حاول الحوثي تهميشه.. سيظل حراً أبياً مهما حاول الحوثيون ربطه بإيران..! لكل دولة معطياتها وهواجسها وظروفها التي تبني عليها أفعالها.. فالسعودية كدولة فاعلة في المجتمع الدولي.. تولي مصالحها ومصالح الشعوب العربية الأهمية كان لزاماً أن تأخذ زمام المبادرة مع حلفائها لإعادة الصحة لليمن الذي زاد اعتلاله مع الحوثي.. وأن تتصدى بالقوة لمغامرات مليشيا تريد أن تذهب باليمن إلى الهاوية.. وتورطه في مستقبل مجهول.. بشعارات تتشبه بالحرية والموت للطغاة.. وهي في الأصل ملامح وهمية وتطبيق لأجندات خارجية.. لن تتبدى مآسيها إلا مستقبلا ً.. ولكن المملكة قررت أن تترك الجنون والعبث للحوثيين.. واستنطقت العقل الذي يتفاهم مع العالم ويستوعب مقرراته بالتصدي للجنون وفرض القواعد والمعايير التي يكترث لها العالم ويعتني بتفاصيلها..!

مشاركة :