الدكتور ربيع حسين رمضان.. في مصر عزيزي القارىء، رمضان في مصر له نكهة خاصة، ومصر في رمضان لها نكهة خاصة، وفي السطور التالية أسوق بين أيديكم بعضاً من مشاهد احتفاء المصريين بشهر رمضان الفضيل. المشهد الأول: مرحب شهر الصوم مرحب.. حيث يبدأ المصريون في الاستعداد لقدوم شهر رمضان منذ منتصف شهر شعبان أو قبل ذلك، فترى المحلات التجارية تعرض البضائع الخاصة بشهر رمضان، مثل أنواع التمور والزبيب والمشمش المجفف والتين المجفف وقمر الدين وغير ذلك من ألوان الأطعمة التي تميز المائدة الرمضانية، كما تتزين واجهات المنازل وشرفاتها بفوانيس رمضان متنوعة الأشكال والألوان ويتم تعليق أشكال مختلفة من الزينات في الشوارع وعلى واجهات المنازل. المشهد الثاني: رمضان جانا، أهلا رمضان.. بعد غروب يوم التاسع والعشرين من شهر شعبان، تقوم المراصد الفلكية والجهات المعنية باستطلاع رؤية هلال شهر رمضان، ويقام لذلك احتفال تنقله وسائل الإعلام ويحضره شيخ الأزهر ووزير الأوقاف ولفيف من كبار الشخصيات، وإذا تم الإعلان عن ثبوت رؤية هلال شهر رمضان، يفرح الناس فرحاً كبيراً.. “رمضان جه يا ولااااد”.. ويبدأون في قيام أول ليلة من ليالي الشهر الفضيل وكذلك يفكرون في الترتيب لوجبة سحور أول يوم منه. المشهد الثالث: مائدة السحور.. يهتم المصريون بوجبة السحور للحفاظ على سنة النبي صلى الله عليه وسلم وللاستعداد لصيام نهار رمضان وللتأهب لصلاة الفجر، وغالبا ما تكون وجبة السحور وجبة خفيفة، ولكنها في الغالب لا تخلو من طبق الفول اللذيذ، إلى جانب السلطة الخضراء، والزبادي، مع بعض ألوان الطعام الأخرى ومشروبات رمضان اللذيذة. المشهد الرابع: صلاة الفجر، ما أحلاها.. صلاة الفجر في رمضان لها رونق مختلف، تشعر بروحانيات جميلة تسكن جسدك، تشعرك بسلام داخلي وصفاء ذهني، ويكثر عدد الناس في صلاة الفجر عن المعتاد، فتشعر بالبهجة، وتشعر حقا بفضل شهر رمضان ومدى تأثيره على معدل الإيمان لدى المسلمين، بعد صلاة الفجر يتصافح الناس ويهنئون بعضهم البعض، ومنهم من يمكث في المسجد لقراءة القرآن ومنهم من يرجع إلى بيته لينال قسطا من النوم قبل الذهاب إلى العمل. المشهد الخامس: الصّيام جُنّة.. يبدأ الناس في حركة حياتهم في أول يوم من أيام الصيام، وتشعر بحدوث تغيّر في سلوكيات الناس، حيث يميلون إلى الحلم والعفو والكلام بالتي هى أحسن، ويُذكّر بعضهم بعضا بضرورة التحلي بأخلاق الصيام “فلا يرفث ولا يصخب”. المشهد السادس: الشيخ رفعت، حبيب الملايين.. قبل غروب شمس اليوم الأول من شهر رمضان بحوالي ساعة، تذيع الإذاعة المصرية “قرآن المغرب”، وقد اعتاد المصريون على سماع صوت القارئ الشيخ محمد رفعت، رحمه الله، في أول يوم من أيام شهر رمضان، فصوته يأخذك إلى عالم من سحر البيان، ويأخذك إلى رمضان في زمن الطيبين. المشهد السابع: مائدة الإفطار.. بعد غروب الشمس “ينطلق مدفع الإفطار” ويُرفع أذان المغرب، فيصلي الناس المغرب، ثم يتوجهون إلى مائدة الإفطار والتي تتلون بألوان المأكولات والمشروبات المختلفة، وذلك من باب التوسيع على النفس والأهل، وذلك أمر محمود طالما كان بعيداً عن الإسراف والتبذير. المشهد الثامن: موائد الرحمن.. حيث يتسابق أهل الخير في بذل المعروف ويبسطون موائد واسعة في الميادين والساحات، تسمى موائد الرحمن، لإفطار الفقراء والمساكين والمحتاجين، وموائد الرحمن تتميز بألوان الطعام التي لا تقل عن مثيلاتها في البيوت بل تفضلها أحيانا، “بارك الله في المحسنين”. المشهد التاسع: قيام الليل.. يُرفع أذان العشاء في وقته (حيث لا يوجد فاصل زمني واسع بين صلاتي المغرب والعشاء كما في بعض البلدان العربية) فيتوجه الناس لأداء صلاة العشاء، ثم صلاة قيام الليل (التراويح)، ويتوافد الرجال والنساء والشباب والفتيات والأطفال على بيوت الله، لإحياء ليالي رمضان بقيام الليل، وصلاة التراويح تتميز بروحانيات جميلة، حيث يتقابل المصلون ويصل بعضهم بعضا، ويتبادلون التهاني مبتهجين بالشهر الفضيل. المشهد العاشر: الشعراوي، فارس التفسير.. في كل ليلة من ليالي شهر رمضان تذيع “إذاعة القرآن الكريم من القاهرة” خواطر فضيلة الشيخ محمد متولي الشعراوي حول آيات القرآن الكريم، وذلك قبل موعد السحور بحوالي ساعة، فيستمتع الناس بسماع آيات القرآن وبتفسير الشعراوي لها بطريقة سهلة ميسرة. المشهد الحادي عشر: تم البدر بدري.. عندما ينتصف شهر رمضان، ويكتمل البدر في كبد السماء، يشعر الناس بقرب إنتهاء الشهر الفضيل، فيجدّون في إدراك ما فاتهم من عبادات، وفي الأسبوع الأخير من شهر رمضان يبدأ المصريون في الاستعداد لاستقبال عيد الفطر المبارك، فيصنعون ألوان المخبوزات والحلوى الخاصة بالعيد، مثل “الكحك” وهو يشبه “المعمول” في بعض البلدان العربية، وكذلك “البسكويت”، وألوان أخرى من الأطعمة التي تميز عيد الفطر. وفي الختام، عزيزي القارىء، يحتفي المصريون بشهر رمضان، احتفاءاً يجعله مميزاً بين شهور السنة، وذلك من تعظيم شعائر الله، قال الله تعالى (وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ (32) سورة الحج، وبذلك يترك الشهر الفضيل أثرا بالغا في القلوب والنفوس.. بس كدا.. حياكم الله. ملحوظة: الكلمات العامية، أسوقها من قبيل المرح والفكاهة، ولا أراعي فيها قواعد العربية الفصحى. كتبه: الدكتور ربيع حسين مستشار سيكولوجي إكلينيكي مستشار إدارة الخلافات الأسرية مستشار التنمية البشرية والكوتشينج
مشاركة :