شهر كريم هلّ على الدنيا، واستقبله المسلمون بالبشر والتفاؤل والاقبال، شهر فيه أنفاس الصائمين تسبيح، ونومهم عبادة ودعواتهم مقبولة. ما أجمله من شهر وما أحسن ايامه وما أبهى لياليه كلها مفعمة بالخير والأيادي البيضاء، والدعوات الطيبات. لأهل هذه الديرة الطيبة تراث قبل هلال شهر رمضان، وفي اليوم الثلاثين من شهر شعبان يحتفل بالقريش، ولا يحتفل في يوم غير هذا اليوم، لأن القريش يكون في الشهر الوافي، ولا يكون في الشهر الهافي، فالذي عمل القريش يوم الأحد الماضي في وجبة الغداء وقال: اليوم القريش وباجر نطوي الكريش، فقد فعل التراث. فإن جميع الذين لم يفعلوا هذا التراث في اليوم الثلاثين من شهر شعبان، لم يدركوا القريش، إنما ضيعوا أوقاتهم وعطلوا أعمالهم وصرفوها من غير أن يحتسبوا، أهلا بشهر رمضان شهر «القرع والبيديات» - كما يطلق عليه أهل هذه الديرة الطيبة - وذلك نسبة لوجبة التشريب، التي تكون من محتوياتها القرع والبيديان، وهي من الأطباق الشهيرة في وجبة الإفطار، ما أجملها من أجواء قبل أن يطلق مدفع الإفطار، وتثور الواردة ترى الفرجان تعج بصنوف الغذاء: التشريب واللقيمات وصب القفشة النقصة تلو الأخرى. تذهب بين بيوت الجيران وكلهم ود وسماحة وحب وتسام، ما أجملها من أيام وحري بنا في هذه الأيام أن نأخذ من تراث الأمس ونفعله إنما نتبع شرع الله القويم، فيكون العطف على المحتاج وقراءة القرآن الكريم في تدبر وتمعن وتفكر، حتى الأطفال لا بد وأن يدربوا ويعودوا على الاستبصار في كتاب الله الكريم، ويتركوا «السوشيل ميديا»، حتى ولو في الشهر الفضيل، أو يكون هو وسيلة سماع القرآن الكريم أو قراءته والتدبر فيه. أعجبني كثيراً طفل صغير في سن الروضة، وهو يقرأ بمناسبة حفل تخرجه الآيات الأخيرة من سورة الحشر، هو الطفل المتألق: حسن علي فرج، نسأل الله الكريم أن يحفظه، ويحفظ جميع أطفال هذه الديرة الطيبة، وينهلوا من معين كتاب الله الكريم. عزيزي القارئ نسأل الله العلي القدير أن يجعل أيام هذا الشهر المبارك جميعها، خيراً ولياليه كلها بركة وأن يشافي الله الكريم جميع المرضى في كل أصقاع الدنيا، وأن ينتشر التسامح والود والتعاون بين أبناء هذه الديرة الحبيبة. وصدق الاخ الاستاذ زيد فهد المزيد حيث قال في رائعته التي أهداها إليّ بمناسبة حلول الشهر الفضيل: رمضان أقبل يا بني فأصلحوا من شأنكم ثم اجلسوا وتسامحوا لا تجعلوا الشيطان ينفث بينكم وتفكروا في حالكم وتدبروا كي تستقيم حياتكم وأموركم بين الورى ونراكمو تتراحموا ودعوا التعنت والعناد فإنه لا ينفع الناس الذين به يتمسكوا فقد ضاق صدري ما جرى في حالكم والله يعلم أنني ممّا أرى أتحسر ادعوا عسى الرحمن يجمع بينكم رمضان أقبل يا بني تسامحوا
مشاركة :