شهر رمضان الكريم موسم بركة ورحمة وتآلف ومد جسور المحبة والتعاون وتبادل الأحاديث والكتب وألوان الطعام وتقديم الهدايا للأطفال وإكرام المحتاجين وزيارة المرضى، وروحانية هذا الشهر الفضيل تفرض على الجميع طقوساً وعادات حافلة بالطيبة والمؤانسة، وللكُتاب والمثقفين والمبدعين طقوس متميزة في هذا الشهر الفضيل، تقف «الاتحاد» على جوانب منها من خلال لقاءات مع ثلاثة أدباء ومثقفين. قالت د. جميلة سليمان خانجي، مستشار دراسات وبحوث - مؤسسة التنمية الأسرية: «إن الطقوس اليومية لشهر الصوم ذات روح عبقة تنثرها بركات الشهر الفضيل»، مضيفة: «نبدأ شهرنا بالاستعداد الذهني والروحي للغنيمة من بركات شهر رمضان، وطقوسنا اليومية تتخللها تهانٍ ودعوات وهدايا بمناسبة الشهر الكريم، حيث يفرض رمضان ذاته على القلوب بأن تكون إيجابية ومتسامحة وعامرة بالمحبة والرحمة والكرم. ويكون شهر الصوم فرصة لصوم الجوارح عن كل ما يضرها من كلمة أو فكرة أو سلوك، وتأتي صلة الأرحام والتواصل بين الأفراد قيمة عالية تملأ الحياة بهجة وتراحماً وتواصلاً إيجابياً». وتواصل د. خانجي حديث الذكريات، مبينة أن شهر رمضان هو شهر العطاء والخير، وتعم الأجواء فيه هالة من السكون والبركة التي تنعكس على كل شيء من حولنا. وحول موضوع القراءة تقول: «قد يكون نظام إدارة الوقت في رمضان لا يسمح بقراءة الكتب نوعاً ما، ولكنني إذا سنحت لي الفرصة بقراءة كتاب في رمضان، أقرأ كتباً متنوعة». عمر عبد العزيز: خصوصية مغايرة ومن جانبه، قال د. عمر عبدالعزيز، مدير الدراسات والنشر في دائرة الثقافة بالشارقة: «إن شهر رمضان له خصوصية مغايرة لبقية شهور العام، فطقس الصيام كعبادة ينطوي على سلسلة واسعة من الديناميات في التوقيت والأداء والتواصل مع الآخرين.. حتى إنه يمكن القول، وبكل تلقائية، إنه شهر ليس كبقية الأشهر.. وله طقوسه وروحانياته الخاصة التي يتشارك فيها كل أفراد المجتمع». ويتأمل د. عبد العزيز ما يمنحنا هذا الشهر الكريم من فضائل سامية، فيقول: «بالنسبة لي شخصياً أعتبر طقس الصيام عبادة وفرصة سانحة لتطوير البدن والروح معاً، ولا يمكنني في عجالة مبتسرة الإحاطة بأبعاد هذه المعاني». ويتابع أنه يستشعر توازناً شاملاً مع عادات الشهر ونهاراته الناعمة وأماسيه النورانية. ويستدعي د. عبدالعزيز مرحلة الطفولة والشباب وما جرى على الحياة من تغيير في الفكر والعمل، فيقول: «أما بالنسبة لذكريات رمضان القديمة، فأزعم أنها كانت ذات طابع مغاير إلى حد ما، ولكن القاسم المشترك بين رمضانات السنين والدهور يتلخص في التواشجات، عبادة وموائد طعام وصلة رحم». ويرى أن الأهم من هذا زادنا الفكري والروحاني خلال الشهر الفضيل. صالح كرامة: الذاكرة المضيئة بدوره، يقول الكاتب والمخرج المسرحي والسينمائي صالح كرامة العامري: «يظل رمضان ذا نكهة بطعم الذكريات الجميلة التي تضيء في النفس بمحركات الماضي الجميل.. وفي اعتقادي أن الحياة الرمضانية تظل فارضة نفسها على أنها جزء مكمل ليوم روحاني كنا نعيشه، عبر مساحة من الحب له، وهذا ما يفسر أن تلك الرائحة المكانية ظلت جزءاً من تركيبة الحياة بكل تفاصيلها الاجتماعية، وقابلة لأن تضرب في أعماقنا كل لحظة موعداً مع إعادة إحياء تلك اللحظات عالية المقام». ويتابع كرامة مفسراً: «لهذا عندما يأتي رمضان تأتي معه الطفولة مباشرة وتعود إلى المشهد مرحلة مهمة من وجودنا في محيط الحي الشعبي الذي ضمّنا بين طيات جماله وألقه وأصالته، حيث بساطة المطروح وتفرده، ودفء المجتمع الذي يتماثل شكله ومضمونه، بدءاً من البيت ثم (الفريج)، فالمدينة والأرض كلها»، ويتابع: «ليس هناك مصير أجمل وأقرب لواحدة من حالات التأمل التي يدفعنا تماهينا بين الماضي والحاضر إلى ممارستها مثل استدعاء ذكرياتنا في هذا الشهر بالشكل الذي يليق بجمالياته، والعنصر الجذاب في هذه المسألة، على سبيل المثال، هو أن نعيش تلك الأجواء بأريحية تامة عبر استدعائها من ذاكرتنا.. وتأخذ يوميات رمضان زمن الطفولة مكانها كحجر رئيس في معمار الذكريات، وعالمها الأخاذ وقيمها الباهرة وأصالتها الفاتنة، ودفئها المثمر في القلوب».
مشاركة :