كتاب الرأي والعلوم الاستراتيجية | زيد علي الفضيل

  • 3/19/2015
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

من أكثر ما فاجأني في جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، التي ما كنت أتخيل أنها بذلك العمق المعرفي، ولا ذلك الرونق في البناء الهندسي، حتى كأنك وأنت تدلف بين ردهاتها لتظن لوهلة أنك تمشي في أحد أروقة الجامعات الكلاسيكية العريقة. أقول إن أكثر ما أدهشني هو وجود كلية متخصصة في تدريس العلوم الاستراتيجية، ذلك البحر المعرفي الغائب عن كياننا الثقافي والمعرفي بوجه عام، على الرغم من أهميته وحيويته في اتخاذ أي قرار سليم، وقبل ذلك في امتلاك الوسيلة الصحيحة لبناء أطر وآليات المنطق الذهني المتسق والمتناسق مع طبيعة الأحداث ودلالاتها المتغيرة ومآلاتها المتنوعة، على مختلف الأصعدة السياسية وصولا إلى الأمنية. أذكر أن سحر وعُمق دلالة المسمى للكلية لم ينفك عن خاطري خلال جولتي المهمة لبعض كليات الجامعة ومتحفها بصحبة الدكتور صقر المقيد مدير العلاقات الدولية بالجامعة، الذي أكرمني بترتيب تلك الزيارة، وأكرمني بلقاء سعادة وكيل الجامعة الأستاذ الدكتور عبدالرحمن الشاعر، وسعادة وكيل الجامعة للشؤون الأكاديمية الأستاذ الدكتور علي بن فايز، الذي طرحت عليه فكرة أن تتبنى الجامعة الموقرة ترتيب عدد من اللقاءات الدورية مع مختلف كُتَّاب الرأي المهتمين بالشأن السياسي والأمني في صحفنا الوطنية، للحديث معهم حول مفهوم العلوم الاستراتيجية، وأسس وقواعد وآليات التفكير الاستراتيجي، إلى غير ذلك من الأفكار التي أجزم أهميتها في تكوين الذهن الكتابي لمن يتعاطى الشأن السياسي والأمني مرورًا بالاجتماعي ووصولا إلى غيرها من مناحي الحياة العامة. أقول ذلك والمنطقة اليوم تعيش حالة غير مستقرة من التجاذب اللاأخلاقي، والكيد السياسي، ناهيك عن البرامج الاستخباراتية المتنوعة، التي تستهدف زعزعة الثوابت الوطنية بهدف خلق حالة موائمة لتنفيذ ما هو مقرر في المخطط الصهيوني البعيد المدى، القاضي بتفتيت المفتت، وتدمير الهويات الوطنية الجامعة، لصالح المشروع الصهيوني الجديد، الحامل عنوان ما بات يعرف سياسيا بالشرق الأوسط الجديد، وهو الشرق الأوسط القائم على إرساء قواعد التكوينات السياسية والأمنية، المنطلقة من منظور طائفي وعرقي، سمته الرئيسة التباين والصراع. إنها الرؤية السياسية التي بات على كل كُتَّاب الرأي في وطننا إدراكها، والعمل على مقاومتها أولا بالوعي بخطورتها، ثم مناهضة آلياتها المستخدمة على الصعيد الفكري والاجتماعي والأهم على الصعيد الإعلامي، الذي هم على رأس حربة فيه. ولن يتأتى كمال الوعي بذلك إلا بتنظيم مثل تلك اللقاءات التي أشرت إليها في مطلق هذا المقال، فهل إلى ذلك سبيل؟ سؤال أضعه بين يدي معالي مدير جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية. zash113@gmail.com

مشاركة :