يظهر أن البحر في ترنيمته المشهورة، لن يكون حكراً على الجانب الرياضي وحسب، حين تسمع أهازيج الرياضيين وهم يصدحون بأصواتهم عالياً قائلين: (جدة اتي وبحر، جدة أهلي وبحر)، على أننا اليوم يمكننا القول بكل صلابة (جدة كتاب وبحر). ذلك أن موقع معرض جدة الدولي للكتاب المُقام حالياً على شاطئ أبحر الجميل، قد فرض مثل هذا القول بجدارة، فواجهة المعرض الغربية تطل بكل إشراقة وبهاء على شواطئ البحر الخلابة، وهو ما يُضفي على المكان رونقاً وجمالاً يُنسي كثيراً من المتاعب التي يمكن أن يواجهها المرتادون والمشاركون خلال فترة المعرض المقررة. أقول يمكن أن تُنسي، لكنها لن تُلغي المتاعب وإشكالات الموقع، وما يتعلق ببنيته التحتية، وهو أمر طبيعي في هكذا ظرف، إذ كان من الصعب أن يُنجَز المعرض في وقته المعين، لولا تدخل كبير مِن قِبَل سمو محافظ جدة الأمير مشعل بن ماجد، الذي ما ترك شاردة ولا واردة إلا وناقشها مع المختصين، وبذل كل جهده وطاقته لتذليل كل الصعاب، ليخرج المعرض في وقت قياسي، وبحلته القشيبة. كما كان هو الحال مع الشركة المنفذة التي استنفذت كل طاقاتها من أجل تحقيق المراد، وإخراج المعرض بالصورة التي ترضي الأمير والمثقفين والمثقفات، لكن ذلك يحتاج إلى قفزة مميزة إلى الأمام ليخرج المعرض في سنواته القادمة بأفضل ما يكون عليه، ونحن قادرون على ذلك تنظيماً وتجهيزاً، فما الذي نحتاجه لتحقيق ذلك؟. في يقيني أن أول ما نحتاجه الآن أن تقوم الغرفة التجارية ببناء مركز كبير للمعارض على أحدث المواصفات، مُجهَّز بأحدث التجهيزات المساندة، وهو أمر ليس صعباً تنفيذه، لكنه يحتاج إلى إرادة وتصميم، وأؤمن أنها كامنة في وجدان وأذهان القائمين على الغرفة اليوم، ابتداء من رئيس بيت التجار الشيخ صالح كامل، مروراً بكل القيادات والموظفين بالغرفة. في الأسبوع الفائت تشرّفتُ بزيارة معرض الدوحة الدولي للكتاب بصحبة عدد من المثقفين والمثقفات السعوديين، وكانت دهشتنا واضحة على محيانا، جراء جمال المكان ورونقه ودقة تجهيز الخدمات المساندة، من مركبات كبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة، إلى سيور الحركة الكهربائية المتوفرة بشكلٍ مذهل، إلى جمال الجلسات المبثوثة هنا وهناك لأخذ قسط من الراحة، إلى تجهيز ونظافة دورات المياه المنتشرة بنوعيها للسيدات والسادة ولذوي الاحتياجات الخاصة، التي لا تقل نظافة وتجهيزاً عما تجده في فنادق الخمسة نجوم، ثم يأتيك المعرض بممراته الواسعة، وتجهيزاته المتفردة، ووو. كان أكثر ما يتردَّد على ألسنتنا هو: هل يعجز تُجّارنا عن إنشاء مركز مماثل؟ الإجابة قطعاً لا، ولكن متى يكون لدينا شيء في جدة مماثل لذلك؟. zash113@gmail.com
مشاركة :