على الرغم من كتابتي لأكثر من مقال حول معرض جدة الدولي للكتاب، إلاّ أني أشعر بأن ذلك لم يكفِ بعد لمناقشة كثير ممّا أرجوه كمُثقَّف مُتابع لشأن المعارض، وتطوّر بنيتها الثقافية، وهيكلها المعرفي، ليكون المعرض حدثًا حضاريًّا صناعيًّا في آنٍ واحد. على كلٍّ أرجو أن تُوفَّق محافظة جدة، بالتعاون مع الغرفة التجارية، وشركة الحارثي المُنفِّذة، في تنظيم معرض دولي للكتاب في السنة المقبلة بشكلٍ أميز من معرض هذا العام، وأرجو أن تكون التحضيرات المبدئية لتنظيم المعرض القادم قد ابتدأت، وفق رؤية منهجية خلَّاقة، يقوم على تنفيذها مسؤول تنفيذي عارف ببواطن الأمور، مُدرك لمفاتيح النجاح التي يحتاجها حدث كرنفالي خاص كهذا. على أني في الوقت ذاته أُحب أن أُوجِّه كمُثقَّف في ختام مقالاتي حول معرض الكتاب عدّة رسائل، أرجو أن تصل ويتقبّلها أصحابها بكلّ رحابة صدر. أولاها أنبس بها سرًّا في وعي قادة الغرفة التجارية، وأقول لهم صادقًا: لقد كان الحدث يستحق منكم أن تتوجَّهوا إليه باهتمامٍ أكبر، ورعاية أوسع ممَّا كان عليه، وكان يستحق أن يصبح بلمسة إعلامية متخصصة، الحدث الأبرز الذي يُشكِّل جوهر الوعي ليس في محافظة جدة وحسب، وإنما في كامل مدن المنطقة، والأماكن المجاورة. ولم يكن ذلك ليُقلل من شأن منتدى جدة الاقتصادي، أو يضر به بأيّ حالٍ من الأحوال. أمّا الرسالة الثانية، فأتوجّه بها إلى اتحاد الناشرين السعوديين، وإدارة المعرض بالرياض وجدة -على حدٍّ سواء- وأقول لهم: أوقفوا استلاب مدّخراتنا! فقد آن الأوان لأن يتم مراجعة قائمة الأسعار بمعرضي الرياض وجدة، إذ كان اللافت للجميع غلاء أسعار الكتب بشكلٍ كبير، بل تحوَّل المعرض من قِبَل كثير من الناشرين إلى لحظة غنيمة ينتظرونها من السنة إلى السنة، وقد حدُّوا سيوفهم ليقتطعوا ما يشاؤون من لحم المثقف السعودي دون خشية، أو خوف من أي مساءلة قد تعتريهم، في ظل غياب كلّي للرقابة المالية على الكتب من قِبل إدارتي المعرض، واتحاد الناشرين السعوديين. لهذا أرجو أن يأتي معرض الرياض القادم، وجدة أيضًا، وقد فُرِض على الناشرين وضع الكود الرسمي لقائمة الأسعار المصرّح بها، والمتفق عليها، من بعد مراجعة دقيقة من قِبَل الجهات المختصة، بحيث لا يُستَغل المثقف السعودي من قِبَل كلّ مَن أراد الغنيمة من بعض الناشرين. ختامًا أرجو أن نرتقي في قابل الأيام بمنصة التوقيع، بحيث لا يرتقي سُدّتها إلاّ الكِتَاب الأمثل، والكَاتِب الأجدر، حتى لو لم نُوقِّع إلاّ كِتَابا واحدًا، لكفى، تطهيرًا لمشهدنا الثقافي من ذلك الزبد المزعج والمُضر. zash113@gmail.com
مشاركة :