ابتكار ثوري يحوّل سيارات جاغوار إلى مصارف متنقلة

  • 5/8/2019
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

سبقت شركة جاغوار البريطانية جميع منافساتها في سوق صناعة السيارات الذكية بابتكار تقنية تحوّل تلك المركبات إلى مصارف متنقلة. وذكرت الشركة في تقرير نشرته على موقعها الإلكتروني أنها بصدد اختبار تقنية جديدة تسمح لمالكي موديلين من سياراتها في مرحلة أولى جني نقود رقمية. ويتوقع مراقبون أن تثير الخطوة اهتمام الكثير من المصنعين، بمن فيهم إيلون ماسك مؤسس شركة تسلا الأميركية الناشئة المتخصصة في صناعة السيارات الكهربائية. وتتيح تكنولوجيا جاغوار للسائقين كسب نقود مشفرة واستخدامها لسداد قيمة البعض من المستلزمات اليومية، التي يحتاجون إليها أثناء التنقل من خلال تكنولوجيا أطلقت عليها الشركة اسم “المحفظة الذكية”. وبالنسبة للشركة البريطانية العريقة، يشكل هذا الاتجاه جزءا مهما من استراتيجيتها المعروفة بـ”الوجهة صفر”، التي تسعى من خلالها إلى تحقيق ثلاثة أهداف رئيسية تتمثل في عدم وجود انبعاثات وإنهاء الازدحام على الطرقات وتقليص منسوب الحوادث المرورية بشكل كبير جدا. وفي إطار سعيها لتحقيق ذلك، تقول الشركة إنها تعمل على تطوير ما يشبه الاقتصاد المشترك، حيث تقوم السيارة بدور محوري في جمع البيانات ضمن مدن المستقبل الذكية. وقال نيك روجرز، المدير التنفيذي لهندسة المنتجات في جاغوار، إن “مركز هندسة البرمجيات في شانون يعمل على تطوير استخدام النقود المشفرة لتحسين حياة الناس، عبر تمكين السائقين من تبادل المعلومات بأمان”.وأشار إلى أن الشركة تحرص على توظيف أنظمة القيادة الذاتية والكهربائية والتشاركية وتقنيات الاتصال المتطورة في إطار سعيها لجعل السيارات أكثر أمانا ونظافة وذكاء. ويُتوقع أن تكون المعاملات بهذه التقنية أسرع في المناطق أو الدول التي سيتم فيها زرع الشبكة مع تركيز 75 مليار جهاز متصل بحلول 2025. ولكن في المقابل، تنتاب العديد من المهووسين بالسيارات الذكية حالة من الارتياب بعد أن أبدوا مخاوفهم من قيام المصنعين بتحويل هذه الوسيلة إلى “مُخبر متنقل” يرصد تحركاتهم وسكناتهم والأكثر من ذلك هو نقل بياناتهم الشخصية للجهات الحكومية. ويمارس الشق المتشائم من تفشي التكنولوجيا في مركبات المستقبل ضغوطا على حكومات الدول التي تنشط فيها مثل هذه الابتكارات بشكل متزايد لاقتناعهم بأنها تشكل خطرا على الناس كونها تخترق معطياتهم الشخصية. عملة رقمية تعمل جاغوار لاند روفر على اختبار مجموعة من الخدمات المبتكرة التي تتيح للسائقين كسب نقود مشفرة واستخدامها لسداد قيمة بعض المستلزمات اليومية أثناء التنقل. ويتم اختبار تقنية الاتصال المتقدمة في قاعدة هندسة البرمجيات الجديدة التابعة لشركة جاغوار في مدينة شانون الأيرلندية. ويرى بيت بينيت، مدير أبحاث حلول التنقل المستقبلية لدى شركة جاغوار أن التجارب تدور حول معرفة كمية المعلومات التي يتعين على السيارات ذاتية القيادة تشاركها مع المشاة لكسب ثقتهم. وقد قام المهندسون بتزويد سيارات جاغوار أف بيس ورنج روفر فيلار، وهما اللتان تنتميان إلى فئة الموديلات الرياضية متعددة الأغراض، بميزة المحفظة الذكية لكسب نقود رقمية. وتتيح تقنية المحفظة الذكية لمالكي هذين الموديلين جني الأموال عبر تمكين سياراتهم من الإبلاغ تلقائيا عن البيانات المتعلقة بحالة الطريق مثل الازدحام المروري وأماكن وجود مطبات. وسيستقبل مزودو خدمات الملاحة أو السلطات المحلية تلك البيانات ليتم تحليلها ثم إعطاء مكافآت مجزية لأصحاب تلك السيارات. ويقول راسل فيكرز مهندس برمجيات جاغوار إن من شأن تقنيات الاتصال التي يتم تطويرها أن تحوّل سيارات جاغوار لاند روفر إلى حيز ثالث في حياة مالكيها يضاف إلى المنزل ومكان العمل. ومن بين أهداف جاغوار هو المساعدة في خفض البصمة الكربونية التي تركتها المركبات المتوقفة والتي تحاول الحكومة جعل الأمر يتخذ مسارا مختلفًا. ويرجح فيكرز ظهور جيل من السيارات في المستقبل، التي تقود نفسها بنفسها عبر نظام قيادة آلي متطور جدا إلى محطة الشحن وتسدد الرسوم المترتبة عليها. ولن يقتصر الأمر عند ذلك الحد فحسب، بل بإمكان صاحب السيارة أن يكون جزءا من اقتصاد مشترك يربح فيه الجوائز بمجرد تبادل المعلومات المفيدة. كما يمكن استخدام العملات الرقمية لدفع تكاليف شراء فنجان قهوة أو في دفع الرسوم ووقوف السيارة وحتى توصيلها لأقرب محطة شحن كهربائية. وبهذه التقنية سيستغني السائقون عن البحث في كل مرة عن نقود معدنية أو تسجيل بيانات الدخول إلى حسابات لتسديد تكاليف الخدمات التي يحتاجونها كل يوم. وتستخدم المحفظة الذكية أحدث تقنيات العملات المشفرة، إذ تعاونت جاغوار لاند روفر مع مؤسسة أي.أو.تي.أي لتوظيف تقنيات السجلات الموزعة في تسجيل وتلقي هذه الدفعات.ويؤكد هولغر كوثر مدير الشراكات في المؤسسة المعروفة بتكنولوجيا تانغل الموزعة لدفتر الأستاذ المصممة لإنترنت الأشياء أن هذه التقنية مناسبة تماما لتمكين عمليات الدفع من آلة إلى أخرى للشحن الذكي ومواقف السيارات والرسوم، بالإضافة إلى توفير فرص للسائقين لكسب عملتهم الرقمية الخاصة بهم. وخلافا لبقية الأنظمة، لا تستلزم المحفظة الذكية دفع أي رسوم لاستخدامها، كما يمكن للسائقين أيضا شحن الرصيد باستخدام أساليب الدفع التقليدية. ويعمل خبراء مركز الأبحاث في شانون على تطوير ابتكارات جديدة لدعم التقنيات الكهربائية ومنظومات القيادة الذاتية في سيارات جاغوار لاند روفر المستقبلية. وبدعم من وكالة التطوير الأيرلندية، يعكف فريق جاغوار في شانون كذلك على تطوير الجيل القادم من نظام القيادة الكهربائية، بالإضافة إلى استشراف المزايا المتقدمة لأنظمة مساعدة السائق في سياراتها المستقبلية. وكانت جاغوار لاند روفر قد كشفت في يناير الماضي أنها طورت نظاما مبتكرا للسيارات ذاتية القيادة يقوم بإسقاط إشارات محددة على الطريق أمام السيارة تحدد الاتجاه الذي ستسلكه، وبذلك يتسنى للسائقين الآخرين معرفة ما يجب القيام به. وتعمل التقنية الذكية على إسقاط سلسلة من الإشارات على الطريق توضح مسار السيارة، مثل إشارة التوقف أو إنها على وشك الانعطاف يسارا أو يمينا. مخاوف القرصنة قد تكون تقنية جاغوار الثورية مثيرة لاهتمام البعض، لكنها في الوقت نفسه تثير حفيظة الكثيرين ممن يخشون قراصنة السيارات. ومع أن الشركات المصنعة للسيارات الذكية، لم تعلق حتى الآن على تقنية جاغوار الجديدة، إلا أن شركة تسلا الأميركية قد تكون مهتمة بتطوير مثل هذه التقنية، خاصة وأن الشركة البريطانية تعمل على إنتاج أسطول من السيارات الكهربائية التي ستزرعها بتقنية “المحفظة الذكية”. ويتفق معظم المصنعين على أن اللجوء إلى الذكاء الاصطناعي بات الهدف الأسمى من أجل تسهيل حياة السائقين وحتى تكون تنقلاتهم منسجمة مع البيئة، غير أن هذه الرواية تبدو غير مقنعة للكثيرين. ومنذ مطلع العام الجاري، زاد منسوب القلق لدى العديد من الأشخاص حول العالم ممن يريدون امتلاك مركبة تزخر بكل مظاهر الترفيه التكنولوجي لكونها قد تصبح مجرد وسيلة للتجسس عليهم.وكان هذا التوجس واضحا في معرض الإلكترونيات الاستهلاكية، الذي أقيم في يناير الماضي في لاس فيغاس الأميركية، بعد أن كشفت الشركات عن أحدث التقنيات التي تستخدمها في مركباتها والقادرة على جمع البيانات الخاصة بأصحابها. ولا توجد معلومات دقيقة حتى اليوم حول حاجة الشركات لهذه البيانات “السرية”، التي يُفترض أن تباع لشركات التسويق فقط حتى تقوم بقياس رغبات المستهلكين حول العالم. وفي تجربة أكثر إقناعا على احتمال حدوث عمليات اختراق للسيارات الذكية، استطاع باحثان أميركيان في أمن المعلومات، هما شارلي ميلر وكريس فالاسيك، في فبراير الماضي من التحكم في سيارة جيب شيروكي عن طريق الإشارات اللاسلكية مع تشغيل مكيف الهواء وفتح النوافذ الكهربائية. وأشارت مواقع إلكترونية متخصصة في عالم السيارات إلى أن شركات تصنيع السيارات الكهربائية، بما في ذلك تسلا، فضلا عن الشركات التقليدية مثل فولكسفاغن وبي.أم.دبليو الألمانيتين وفورد الأميركية، تعمل على نقل المعلومات للسلطات في الدول التي تسير فيها مركباتها. وبينما تنفي الجهات الحكومية ذلك الأمر وتدفع ببراءتها بالقول إن البيانات تُستخدم على نطاق ضيق يركز فقط على ضمان سلامة الطرقات والسيارات والسائقين، إلا أن خبراء الخصوصية يخشون من أنّ تلك البيانات قد تستخدم في أشكال مراقبة أكثر تشديدا. وتستطيع السيارات الحديثة تتبع كل شيء، مثل موقع تواجدها والسرعة التي يقود بها السائق والأغاني أو محطات الراديو التي يفضل الاستماع إليها، بالإضافة إلى معرفة وزن السائق. ويرى المختصون أن السيارات الذكية تتمكن حتى من مراقبة حركة عيني السائق وحساب وزن الراكبين الجالسين على المقعدين الأماميين والأطعمة المفضلة لديهما. وكمثال على ذلك، قدمت بي.أم.دبليو نظام مساعدة ذكي للسائق قادر على التعرف على درجة الحرارة التي يفضلها والطرق التي اعتاد على القيادة عبرها ليرسل أحدث الأخبار المتعلقة بالطرق وازدحامها إذا رأى أن السائق يقود في منطقة معتادة، حتى وإن كان نظام الملاحة مغلقا. ولتبديد المخاوف من عمليات القرصنة، يحاول المصنعون تخطي الحواجز السلبية التي يخلّفها الذكاء الاصطناعي بعد أن غزا عالم السيارات لتوفير المزيد من الأمان وراحة القيادة حيث أصبحت السيارة تلعب دور المساعد الشخصي لقائدها.ويعتبر مهندسو تطوير السيارات أن مركبات المستقبل ستقدم للسائقين العديد من الاقتراحات، وذلك وفقا لأحد اللوغاريتمات الذكية، حيث تجري جميع الشركات تقريبا أبحاثها في هذا الإطار لتعزيز قيادة السيارة في أنظمة الملاحة والتحكم. ويقول الخبير يان بورغارد إن الذكاء الاصطناعي يلعب دورا في صناعة السيارات، حيث ينصّب اهتمام الشركات على التعرف على الكلام الطبيعي للتحكم في أنظمة المعلومات والترفيه والتعرف على الصور التي تستخدم في أنظمة مساعدة القيادة. ويمكن للذكاء الاصطناعي المساعدة في مراجعة واتخاذ القرارات للحصول على أفضل نتائج في أقل وقت، رغم أن عدة تجارب أثبتت أن الشبكات العصبية لتلك التقنية تعرضت للتشويش ومن ثم للاختراق. ويعتقد ستيفن بيترز مطور الذكاء الاصطناعي لدى شركة دايملر أن هذه التقنية تحتاج في نهاية الأمر إلى مشاركة بشرية، لأنها تعتمد أساسا على التطوير البشري في ما يشبه التغذية بالبيانات.

مشاركة :