لندن - تواجه صناعة السيارات تحوّلا هيكليا يستند في المقام الأول إلى التغييرات التكنولوجية والاجتماعية المتسارعة، مع التطوير المدفوع بالتغيّر الديموغرافي والتمدّن والجنوح أكثر نحو استخدام التقنيات الحديثة. ورغم أن شركات السيارات كانت تعتمد أساسا على تطوير الأجزاء الميكانيكية فقط، إلا أن التطور التقني دفع غالبية المصنعين، إن لم يكن معظمهم، إلى تبني سياسة تستغل أحدث ما توصل إليه المبتكرون في عالم التكنولوجيا. ودخل المصنعون خلال السنوات الأخيرة في شراكات ثنائية وثلاثية وحتى في تحالفات أكبر بهدف توفير الأمن والسلامة والراحة والرفاهية والسرعة للسائقين، لا سيما مع الاعتماد الكلي للكثيرين على سياراتهم كوسيلة وحيدة للتنقل. وتتبادر إلى أذهان المولعين بهذا العالم تساؤلات حول الجيل القادم من السيارات، ولعل من أبرزها، كيف ستتم قيادة المركبات وهل ستهيمن الموديلات ذاتية القيادة والكهربائية على الطرقات أم أن محركات الاحتراق الداخلي وعجلات القيادة ستواصل الصمود؟ ويتوقع فيلكو شتارك، من شركة مرسيدس الألمانية العريقة، أن تغزو الآلاف من السيارات ذاتية القيادة العالم مع بداية العقد المقبل. وهناك تقديرات تشير إلى أن 150 مليون سيارة ذكية متصلة بالإنترنت ستسير في الشوارع بحلول 2020. فيلكو شتارك: المركبات ذاتية القيادة ستستخدمها في البداية شركات خدمات التنقلفيلكو شتارك: المركبات ذاتية القيادة ستستخدمها في البداية شركات خدمات التنقل ويقول الخبير الألماني إن المركبات ذاتية القيادة سيتم استخدامها لأول مرة من قبل مقدمي خدمات التنقل مثل “ماي تاكسي”، وذلك بسبب مستشعرات ليدار الخاصة على سقف السيارة باهظة الثمن، وتدور هذه المستشعرات حوالي 20 مرة في الثانية لتقوم بمسح محيط السيارة. وهناك ترجيحات تصب في أن يقتصر ظهور هذا النوع من المركبات على المدن الكبيرة بسبب ندرة البنية التحتية، حيث تصوّر الخرائط الطرق بدقة عالية. ويتوقع أن تظهر رينو إي.زد-جي.أو الاختبارية، مثالا، في البداية في المدن الكبيرة ولدى مزودي خدمات التنقل. وإلى جانب هذه السيارات، التي يعتبرها الخبراء أحد أنواع الروبوتات المنتشرة في العالم بفضل التعويل أكثر على الذكاء الاصطناعي، يتوقع شتارك في المستقبل سيارات لا تختلف في الكثير من جوانبها عن الموديلات الحالية. ولن يضطر قائد السيارة إلى التغيير كليا وستستمر السيارة في الظهور بوضعها المعتاد، ولكن مع المزيد من خيارات التنقل والتي يمكن أن يختارها مستخدمو الطريق. ويفترض أيضا أستاذ التصميم باولو تومينيللي ألا يكون الجيل القادم من السيارات مختلفا في الكثير من جوانبه عن اليوم، إذ تعتمد شركات السيارات على ما يسمّى باستراتيجية المنصة، وهو ما لا يمكن التخلي عنه بسهولة. ويُقصد باستراتيجية المنصة التخطيط لإنتاج أجيال متعددة من المنتجات من خلال تصميم مبتكر يستند على قواعد أساسية، بحيث يكون لها تأثير على معاملات المسار المحددة في أي شركة. ومع ظهور مفاهيم جديدة، مثل السيارات الكهربائية الخالصة أو السيارات ذاتية القيادة، يمكن للشركات أن تنتهج استراتيجيات جديدة، وفي السيارات الذكية تصبح القيم مثل الرياضية أو التنقل على الطرق الوعرة أقل أهمية. وفي المدن سيسافر الناس بشكل آلي في المستقبل، سواء كان ذلك في نظام مغلق في شوارع معينة داخل المدن أو في أوقات محددة، ولن تظهر التكدّسات والاختناقات المروية، لأن السيارات ستكون متصلة بشبكة وسوف تتحرك كسرب. وكشف عملاق صناعة السيارات فولكسفاغن النقاب خلال معارض السيارات الماضية عن العديد من النماذج الاختبارية في هذا الإطار. ماتياس كيمبف: التكنولوجيا ستحدث تغييرا جذريا في تصاميم السيارات ذاتية القيادةماتياس كيمبف: التكنولوجيا ستحدث تغييرا جذريا في تصاميم السيارات ذاتية القيادة واعتمد مصممو الشركة في عائلة آي.دي على خصائص معينة، مثل البروز القصير ورحابة مقصورة السيارة بدرجة كبيرة وتقنيات القيادة الذاتية والأبعاد الخارجية القصيرة. وفي المقصورة يمكن للركاب الجلوس على مقاعد الاسترخاء، حيث ترى المجموعة الألمانية أن مستقبل التنقل الخاص سيكون بالاعتماد على الطاقة الكهربائية والقيادة الآلية الكاملة والخلو من الأعباء. وتقول سونيا تايكزكا، من شركة فولكسفاغن، إن الاعتماد على الأنظمة المساعدة سيتزايد خلال العقد القادم وستتولى مهام أكثر في توجيه السيارة وتخفف من أعباء القيادة. ومع الوظائف الجديدة في المركبات، مثل التحكم الصوتي والإيماءات أو الواقع المعزز مع نظارات “هولولينز”، من المفترض أن يكون التحكم في المحتوى سهلا قدر الإمكان. ويرى ماتياس كيمبف، من شركة الاستشارات بيرلي استراتيجي آدفيزور، التي تتخذ من ميونيخ مقرا لها، أن التقنيات الكهربائية لن تقود إلى تغيير في التصميم بجميع السيارات. ويفترض الخبير الألماني أن تغييرا جذريا قد يحدث في التصميم مع السيارات ذاتية القيادة، حيث سيؤدي الاستغناء عن مكونات التوجيه الداخلية بالسيارة مثل المقود إلى إيجاد خيارات أخرى في التصميم. ومع ذلك سيستغرق الأمر وقتا طويلا حتى تتمكن السيارات ذاتية القيادة من السير على جميع الطرق وفي جميع ظروف الطقس وبأي سرعة، وذلك في ما بعد عام 2030.
مشاركة :