حكايات مجهولة| قاف.. جبل في أدبيات المتصوفة

  • 5/11/2019
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

يحتل جبل قاف مكانة كبيرة فى الفكر الصوفى، ولا يوجد على الحقيقة جبل بهذا الاسم، أى أن الرحالة وعلماء الجغرافيا لم يحدثونا عن جبل بهذا الاسم، وبهذه الصفات التى ترد على لسان أقطاب التصوف، ولا سيما على لسان الشيخ الأكبر محيى الدين بن عربي، مثل أنه جبل ضخم يحيط بالأرض، ويبلغ ارتفاعه فى الهواء مسيرة مئات السنين، كما أن الله طوقه بحية ضخمة يلتقى زيلها عند رأسها، وأنها ترد السلام على من يحدثها.هنا يمكن للمتابع أن يقول بخرافة وأسطورية ذلك المكان، لكننا لا يمكننا القطع بمثل هذا، فالكشف الصوفى الذى يعتمد على مشاهدات خاصة بأهل الطريق لا يمكن الوصول إلى حقيقته بالتنظير والتأويل، لكنه موقوف على التجريب حيث «من ذاق عرف.. ومن عرف اغترف».ورد ذكره فى مؤلفات محيى الدين بن عربي، وحكى له حكاية فى منتهى الغرابة، ففى الفتوحات المكية وأيضا رسالة الروح القدس التى ألفها فى تربية النفس ذكر مجموعة كبيرة من رجال الطريق، الذين قابلهم وتعلم على أيديهم المواهب الصوفية، ومنهم موسى أبو عمران السدرانى صاحب الحكاية، فهو شيخ جليل، عاش مجهولا وله غرائب وعجائب، كيف عرفه ابن عربي؟ لقد تمنى ابن عربى أن يلتقى بالقطب الصوفى أبى مدين التلمساني، وذلك بعدما صلى المغرب وتنفل ركعتين ببيته فى إشبيلية فى الأندلس، وكان أبو مدين فى بجاية بالمغرب، فوجد ابن عربى السدرانى يدخل عليه يقول له إن أبا مدين خطر له ما خطر لك فأرسلنى إليك أقول إن الاجتماع بالأرواح قد صح بيننا أما الاجتماع فى بالأجسام فى هذه الدار فقد أبى الله ذلك، والموعد بينى وبينك عند الله فى مستقر رحمته.فالسدرانى فى هذه الرواية رسول أبى مدين من بجاية بالمغرب، ليسكن ويطيب خاطر ابن عربي، فهو من أولياء الله، لكن أحد الناس وشى به عند السلطان فأمر بتقييده وسجنه، لكن الحراس تفقدوه فى الصباح فوجدوا القيد مطروحا والرجل غائبا.وصل الرجل جبل قاف صلى الضحى بأسفله وصلى العصر فى ذروته، وكان ارتفاع الجبل مسيرة ثلاثمائة سنة، فتصور كيف له أن يصلى الضحى عند سفحه والعصر عند ذروته، رأى عنده الحية الضخمة المشهورة، فسلم عليها فردت عليه السلام، بل وسألته عن أبى مدين، فتعجب من سؤالها قائلا: وأنى لك بمعرفة أبى مدين؟ فقالت وهل على الأرض من يجهل حاله؟ إن الله قد أنزل حبه فى الأرض ونادى به فعرفته أنا وغيرى فلا شيء من رطب ولا يابس إلا ويعرفه ويحبه.وقد يحتوى مثل هذه الحكايات على دروس تربوية عظيمة للمريدين أبرزها أن الله ينجى عباده الصالحين من الشرور، كما أنه يسهل لهم أمور الدنيا وأن الإنسان بقدر ما يفعله من خير، وبقدر ما يدفعه من شر، فإن الله يضع حبه فى قلوب العالمين حتى الجماد والحيوانات والحشرات وفى ذلك إشارة للحديث النبوى «إن الله إذا أحب عبدا دعا جبريل فقال إنى أحب فلانا فأحبه.. الخ»

مشاركة :