لا تزال هناك ثلاثة ملفات رئيسة تلقي بظلال قوية على الأسواق النفطية، وهي الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، والعقوبات على إيران والأوضاع السياسية في فنزويلا، التي أسهمت في تقلبات سعرية أدت إلى إنهاء الخام الأسبوع على انخفاض. ويعد قرار واشنطن بزيادة الرسوم الجمركية على بضائع صينية من أهم القرارات وأكثرها تأثيرا في السوق، حيث جدد المخاوف على النمو الاقتصادي العالمي، كما أدى إلى نقص في الإمدادات العالمية، بينما بقي الطلب مرتفعا من المصافي الأمريكية. وفى هذا الإطار، أكدت وكالة بلاتس الدولية للمعلومات النفطية إصرار الإدارة الأمريكية على تطبيق العقوبات الاقتصادية بشكل صارم على كل من إيران وفنزويلا وأيضا على الدول التي تبرم معهم صفقات شراء نفط، بعد انتهاء فترة الاستثناءات التي كانت ممنوحة لثماني دول في بداية الشهر الجاري. وأشارت الوكالة – في تقرير حديث لها - إلى أن وزارة الخزانة الأمريكية رصدت انتهاكات أخيرا؛ ما دفعها إلى فرض عقوبات على شركتين وناقلتين قامتا بتسليم النفط من فنزويلا إلى كوبا من أواخر عام 2018 حتى آذار (مارس) الماضي. ونوه التقرير إلى إعلان ستيفن منوشين وزير الخزانة الأمريكي أن الولايات المتحدة ستتخذ مزيدا من الإجراءات، إذا استمرت كوبا في تلقي النفط الفنزويلي مقابل الدعم العسكري، مشيرا إلى تأكيد الولايات المتحدة أن الطريق إلى تخفيف العقوبات بالنسبة لأولئك الذين تمت معاقبتهم هو اتخاذ إجراءات ملموسة وذات مغزى لاستعادة النظام الديمقراطي. وأشار التقرير إلى أن متوسط إنتاج فنزويلا بلغ في آذار (مارس) 740 ألف برميل يوميا، وهو أدنى مستوى منذ 16 عاما بسبب العقوبات. لافتا إلى أن الإنتاج انتعش بشكل متواضع في الشهر الماضي إلى 780 ألف برميل يوميا، رغم أن عديدا من منشآت النفط لا تزال ضعيفة والإنتاج لا يزال أقل بكثير من ذروته. وأضاف أن الولايات المتحدة تدرس فرض عقوبات ثانوية من شأنها أن تحظر جميع أشكال تجارة الخام ومنتجاته فى فنزويلا، مشيرا إلى أنه إذا تم فرض هذا الحظر فإن العقوبات الثانوية ستؤدي إلى انخفاض إنتاج الخام الفنزويلي إلى 500 ألف برميل يوميا بحلول الربع الرابع وإلى 375 ألف برميل يوميا بنهاية 2020. وأوضح التقرير أنه حتى دون فرض عقوبات ثانوية، فإنه من المتوقع تراجع إمدادات الخام الفنزويلي من 825 ألف برميل يوميا فى الشهر الجاري إلى 675 ألف برميل بحلول كانون الأول (ديسمبر) المقبل. ويعتزم مايك بومبيو وزير الخارجية الأمريكي مناقشة تأثير دعم روسيا المستمر للرئيس الفنزويلي نيكولا مادورو بما في ذلك تجارة النفط والمنتجات الأخرى، التي تعدها إدارة ترمب تقويضا للعقوبات الأمريكية. ولفت التقرير إلى الموقف الأمريكي المعارض للدعم الروسي المتواصل لمادورو، مؤكدا أن هذا سيكون موضوع محادثات قريبة ومنوها إلى القلق الأمريكي بشأن دور روسيا في فنزويلا، معدا أن دعم مادورو رهان خاسر. وأشار التقرير إلى أهمية اللقاء المرتقب بين وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ووزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف في سوتشي يوم الثلاثاء المقبل لتقريب وجهات النظر بشأن تنفيذ العقوبات على إيران وفنزويلا. ونقل التقرير عن محللين اعتقادهم بأن بومبيو سيحث موسكو على التراجع عن دعمها لنظام مادورو، بما في ذلك التراجع عن ارتباطها التجاري مع شركة النفط المملوكة للدولة في فنزويلا، لافتا إلى أنه قد يكون هناك تهديد بفرض العقوبات على شركات الطاقة الروسية إذا جعلت من نفسها شريان الحياة لقطاع النفط في فنزويلا. وأشار إلى أن الولايات المتحدة كشفت خلال كانون الثاني (يناير) الماضي عن عقوبات جديدة على شركة النفط الفنزويلية، حيث تم فرض حظر فعلي على واردات الولايات المتحدة من الخام الفنزويلي، كما تم حظر التجارة مع شركة النفط الفنزويلية الحكومية داخل النظام المالي الأمريكي. وأضاف أنه منذ الإعلان عن هذه العقوبات تواصل الشركة الوطنية الفنزويلية إرسال الخام إلى شركة روسنفت الروسية العملاقة كجزء من سداد الديون، حيث إن الشركة الروسية هي بالفعل شريك في مشاريع متعددة مع نظيرتها الفنزويلية منها المشاريع البحرية في شبه جزيرة باريا. وفيما يخص الملف الإيراني، سلط تقرير "أويل برايس" الدولي الضوء على تحذير الإدارة البحرية الأمريكية من أن إيران أو وكلاءها قد يستهدفون البنية التحتية النفطية والسفن التجارية، بما في ذلك ناقلات النفط في الخليج العربي وحوله. وأوضح التقرير أنه منذ أوائل الشهر الجاري هناك احتمال متزايد بأن إيران أو وكلاءها الإقليميين قد يتخذون إجراءات ضد مصالح الولايات المتحدة والشركاء بما في ذلك البنية التحتية لإنتاج النفط بعد تهديدهم الأخير بإغلاق مضيق هرمز. ونوه التقرير إلى تصاعد التوتر بين الولايات المتحدة وإيران في الأسابيع الأخيرة، بعد أن أعلنت واشنطن في نيسان (أبريل) إنهاء جميع استثناءات العقوبات المفروضة على عملاء النفط الإيرانيين بهدف خفض صادرات الخام الإيرانية إلى الصفر. وبحسب تأكيدات الإدارة الأمريكية، فإن أي هجوم ضد الولايات المتحدة أو حلفائها سيواجه بقوة مفرطة، مشيرا إلى قول مايك بومبيو وزير الخارجية الأمريكي إنه يجب على النظام في طهران أن يفهم أن أي هجمات من جانبهم أو من ينوب عنهم ضد المصالح أو المواطنين الأمريكيين سيتم الرد عليها من خلال استجابة أمريكية سريعة وحاسمة. وفيما يخص الحرب التجارية، ذكر التقرير أن الرئيس الأمريكي دونالد ترمب يبحث فى مضاعفة الرسوم الجمركية على الصين، لافتا إلى أن الأسواق تترقب التطورات المتلاحقة فى هذا الملف. ونوه التقرير إلى قول بنك سيتي جروب في مذكرة للعملاء أن نافذة الفرصة لتجنب الحرب التجارية تغلق بسرعة، موضحا أن الأسواق المالية العالمية كانت مستقرة إلى حد كبير يوم الجمعة الماضي، ما يشير إلى أن كبار المستثمرين لا يزالون يعتقدون أنه يمكن التوصل إلى حل. منوها إلى قول مارك هيفيل كبير مسؤولي الاستثمار العالمي في البنك السويسري "يو بي إس" في مذكرة: إن القناعة الأساسية هي أن الولايات المتحدة والصين ستتوصلان في النهاية إلى نوع من الاتفاق. وأشار التقرير إلى أن النفط الصخري الزيتي فى الولايات المتحدة في ورطة، وذلك نظرا لتكدس المناطق المميزة ومنخفضة تكاليف الإنتاج في مناطق متقاربة المسافات، منوها إلى أن الإنتاج أصبح أكثر تكلفة وصعوبة في مناطق أخرى؛ انتظارا لنجاح تقنيات أكثر تطورا فى عمليات الحفر بما يعزز زيادة الإنتاج. وكانت أسعار النفط قد أغلقت تعاملات ختام الأسبوع الماضي دون تغير يذكر، منهية الأسبوع على انخفاض مع تصاعد التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، بعد أن زادت واشنطن الرسوم الجمركية على بضائع صينية، وهو ما ألقى بظلاله على نقص في الإمدادات العالمية وتوقعات بارتفاع الطلب من مصافي التكرير الأمريكية. وبحسب "رويترز"، أنهت عقود خام القياس العالمي مزيج برنت جلسة التداول مرتفعة 23 سنتا، أو 0.4 في المائة لتبلغ عند التسوية 70.62 دولار للبرميل، لكنها أنهت الأسبوع على خسارة قدرها 0.3 في المائة. وتراجعت عقود خام القياس الأمريكي غرب تكساس الوسيط أربعة سنتات لتغلق عند 61.66 دولار للبرميل، ولتنهي الأسبوع على هبوط قدره 0.5 في المائة. وبعد أسبوع مضطرب، يشعر المستثمرون بقلق بشأن احتمال استمرار حرب تجارية مريرة بين الولايات المتحدة والصين لفترة أطول على الرغم من مساع في اللحظات الأخيرة لإنقاذ اتفاق. والتوترات التجارية المتنامية بين أكبر مستهلكين للنفط في العام قد تؤثر في الطلب على الخام، وأظهرت بيانات من وكالة الطاقة الدولية أن الولايات المتحدة والصين شكلتا معا 34 في المائة من الاستهلاك العالمي للنفط في الربع الأول من 2019. أضافت شركات الطاقة الأمريكية حفارات نفطية للمرة الأولى في ثلاثة أسابيع، لكن إجمالي عدد الحفارات هبط لخامس شهر على التوالي بفعل تخفيضات في الإنفاق. وقالت شركة بيكر هيوز لخدمات الطاقة، في تقريرها الأخير الذي يحظى بمتابعة وثيقة، إن شركات الحفر أضافت حفارين نفطيين في الأسبوع الماضي ليصل العدد الإجمالي إلى 807 حفارات. وعدد حفارات النفط النشطة في أمريكا، وهو مؤشر أولي للإنتاج مستقبلا، منخفض عن مستواه قبل عام عندما كان هناك 834 حفارا قيد التشغيل. وتراجع عدد الحفارات على مدار الأشهر الخمسة الماضية مع قيام شركات الاستكشاف والإنتاج المستقلة بخفض الإنفاق على أعمال الحفر الجديدة مع تركيزها على نمو الأرباح بدلا من زيادة الإنتاج. ووفقا لتقرير بيكر هيوز، بلغ متوسط عدد حفارات النفط والغاز النشطة في الولايات المتحدة منذ بداية العام 1034 متجها نحو تسجيل أعلى مستوى سنوي منذ 2014 عندما بلغ 1862 حفارا، وتنتج معظم الحفارات النفط والغاز كليهما. لكن تقديرات من محللين في شركة سيمونز آند كو للأبحاث ومعلومات الاستثمار ومن متخصصين في بنك الاستثمار الأمريكي بيبر جافري، أشارت إلى أن متوسط عدد حفارات النفط والغاز سيهبط من 1032 حفارا في 2018 إلى 1019 في 2019 قبل أن يرتفع إلى 1097 في 2020.
مشاركة :