استمرت حالة التقلبات السعرية في أسواق النفط الخام، حيث لم تتمكن السوق من الحفاظ على مكاسبها السعرية السابقة التي تحققت فور إعلان فنزويلا توصل وشيك لاتفاق جديد بين المنتجين يضمن استقرار الأسواق، إلا أن فنزويلا عادت مرة أخرى للتسبب في تبديد المكاسب، بعد إعلانها أن فائض المعروض النفطي يفوق الاستهلاك بنحو 10 في المائة. كما زادت التوقعات بشأن ارتفاع مستوى المخزونات النفطية الأمريكية إلى جانب زيادة الإمدادات من نيجيريا والولايات المتحدة، بما يوسع حالة تخمة المعروض في الأسواق ويواصل الضغوط على مستوىات أسعار النفط الخام. ومع اقتراب اجتماع المنتجين في الجزائر يوم الإثنين المقبل، تحيط بالاجتماع أجواء إيجابية واسعة خاصة بعدما أطلقت الجزائر تأكيدات بأن منظمة أوبك ستعقد اجتماعا طارئا تاليا فور انتهاء اجتماع الجزائر، لإقرار آليات جديدة لدعم الأسعار واستعادة الاستقرار في السوق. وفى هذا الإطار، قال لـ"الاقتصادية" الدكتور امبرجيو فاسولى؛ مدير مركز دراسات الطاقة في مدينة لوزان السويسرية، إن فرص نجاح اجتماع الجزائر كبيرة، خاصة بعد قناعة أغلب المنتجين بأن التوازن في السوق لن يتحقق إلا بالسيطرة على فائض المعروض الذي قدرته فنزويلا أخيرا بأنه يفوق الطلب بنحو 10 في المائة. وأشار إلى أن فنزويلا والجزائر تقودان جهودا حثيثة لدفع الأسعار إلى مستوى حول 60 دولارا للبرميل، منوها إلى أن هذا المستوى سيكون ملائما لأغلب المنتجين وسيكون دافعا أيضا لانتعاش الاستثمارات النفطية من جديد. وأوضح، أن فكرة عقد اجتماع طارئ لمنظمة أوبك عقب اجتماع الجزائر لمناقشة قضية الأسعار بات احتمالا ليس بعيدا، خاصة أن الجزائر تؤكد أن فرص عقده كبيرة، بعدما تلقت رسائل بهذا المعنى من محمد باركيندو الأمين العام لـ"أوبك" خلال زيارته الأخيرة للجزائر. وأضاف، أن عقد اجتماع طارئ لـ"أوبك" سيكون – في حالة حدوثه – تحولا كبيرا في استراتيجية عمل "أوبك"، خاصة أنها رفضت على مدار العامين الماضيين، ومنذ تهاوي الأسعار في منتصف 2014 عقد أي اجتماعات طارئة لمناقشة هذا الأمر، وكانت تكتفي بالقول إنها لا تتدخل في آليات السوق وتترك تفاعلات العرض والطلب تعمل وفق متطلبات السوق دون أي تدخلات للتأثير على مستوى الأسعار. من ناحيته، قال لـ"الاقتصادية" المهندس بيرت ويكيرينك؛ مدير أنظمة التشغيل في شركة كيوا للغاز في هولندا: نأمل ألا يكون الحديث عن توافق المنتجين في الجزائر أو عقد اجتماع طارئ لـ"أوبك" حول الأسعار مجرد أمنيات وضغوط من بعض المنتجين الذين يعانون ضغوطا أقوى للأزمات الاقتصادية، مثل فنزويلا والجزائر بالتحديد اللتين تقودان تحركا دوليا وتجريان كل المباحثات الممكنة التي يمكن أن تدفع الأسعار إلى النمو. وأشار إلى أن تخلي إيران عن سباق الإنتاج وانصياعها لرغبة عموم المنتجين في دعم الأسعار، سيكون جواز المرور نحو بلوغ حالة التوافق وانطلاق جهود التنسيق والتعاون من أجل دعم الاستقرار في السوق. ونوه إلى أن إيران أعلنت أخيرا أنها تدعم استقرار السوق، لكنها تحدثت في الوقت نفسه عما سمته الحصة العادلة للمنتجين وهى وفق رؤيتها أنها لم تصل بعد إلى هذه الحصة العادلة الخاصة بها، وهو ما سيجعل موقفها ملتبسا حتى انتهاء اجتماع الجزائر، مؤكدا أن الاجتماع سيكشف عن مدى قدرة بقية المنتجين في "أوبك" وخارجها في التأثير على الموقف الإيراني وإجبارها على الانصياع لرغبة المنتجين في دعم مستوى الأسعار عبر إمرار اتفاق تجميد الإنتاج. من جانبها، أوضحت فوزية مباركى؛ سفير الجزائر في فيينا وممثلها أمام المنظمات الدولية، أن حكومتها تتطلع إلى الترحيب بكل الدول الأعضاء في "أوبك" ومحمد باركيندو، أمين عام "أوبك" الجديد. وقالت – لنشرة "أوبك" – إن بلادها تعتز بعضويتها في منظمة "أوبك" وستقدم كل الدعم والمساندة لإنجاح منظومة العمل في هذه المنظمة العريقة التي تتحمل مسؤوليات كبيرة في ظل التحديات الواسعة التي تواجه الاقتصاد الدولي. من جانبه، قال لـ"الاقتصادية" فلاديمير فرونكوف؛ ممثل روسيا أمام "أوبك" والمنظمات الدولية في فيينا، إن بلاده تتطلع إلى نجاح اجتماع المنتجين في الجزائر وإن وزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك يعول كثيرا على الاجتماع في انطلاق جهود الحوار والتعاون الواسع بين منتجي النفط الخام في العالم. وأضاف، أن الوزير نوفاك يقدر منظمة أوبك ويؤمن بضرورة توسيع التعاون والتنسيق مع الدول الأعضاء فيها وتطوير برامج الحوار مع المنظمة يحتل مقدمة اهتمامات وزارة الطاقة الروسية، مشيرا إلى أن ظروف سوق الطاقة الحالية الحرجة تتطلب منها تكثيف التعاون بين كل المنتجين سواء في "أوبك" أو خارجها. من ناحية أخرى فيما يخص الأسعار، نزلت أسعار النفط أمس قبل نشر بيانات من المتوقع أن تشير إلى زيادة مخزونات الخام الأمريكية ومن جراء تعليقات من فنزويلا بوجود فائض في المعروض في السوق النفطية يبلغ 10 في المائة. وتوقع محللون في استطلاع أجرته "رويترز"، أن تكون المخزونات الأمريكية زادت بواقع 2.3 مليون برميل في الأسبوع المنتهي في 16 أيلول (سبتمبر). وجرى تداول خام القياس العالمي مزيج برنت الخام عند 45.58 دولار للبرميل بحلول الساعة 08:22 بتوقيت جرينتش، بانخفاض قدره 37 سنتا عن يوم الإثنين، ونزل خام غرب تكساس الوسيط 33 سنتا إلى 42.97 دولار للبرميل. وتأثرت أسعار النفط بتعليقات وزير النفط الفنزويلي إيولوخيو ديل بينو الذي قال إن الإمدادات العالمية البالغة 94 مليون برميل يوميا، ينبغي أن تنخفض بنسبة 10 في المائة كي تتناسب مع الاستهلاك. وتراجعت أسعار النفط بالسوق الأوروبية أمس لقرب مستوىاتها المنخفضة في أكثر من أسبوع، تحت ضغط توقعات ارتفاع الإمدادات من نيجيريا والولايات المتحدة، بما يعني توسيع فائض المعروض العالمي واستمرار حالة عدم التوازن في الأسواق لفترة طويلة. وتراجع الخام الأمريكي بحلول الساعة 08:55 بتوقيت جرينتش إلى مستوى 43.55 دولار للبرميل من مستوى الافتتاح 43.71 دولار وسجل أعلى مستوى 43.82 دولار وأدنى مستوى 43.45 دولار، فيما نزل خام برنت إلى مستوى 45.65 دولار للبرميل من مستوى الافتتاح 45.89 دولار وسجل أعلى مستوى 45.93 دولار وأدنى مستوى 45.54 دولار.
مشاركة :