حول جدلية العلاقة بين الكاتب وأصحاب القرار - عبد الله بن عبد الرحمن الزيد

  • 3/20/2015
  • 00:00
  • 12
  • 0
  • 0
news-picture

المطلوب.. الذي ينبغي هو: أن تكون تلك الصلة التي لا مفر من وجودها بين الكاتب الذي يهتم بمجتمعه، ويعبر عن قضاياه.. وعن مشكلاته، ويصبو بلهفة إلى أجمل الحلول، وتجسيد الجدوى.. والمسؤول وصاحب القرار الذي قلبه على ناسه وأهله والجهاز الذي يديره، أن تكون مترعة بالنبل والود، مفعمة بالحميمية، مجللة بالجدية، مكللة بالمواقف الإيجابية والاستجابة وبالحلول الممكنة؛ لأن الهدف واحد، والمبتغى لا يتخلف، والغاية والمحصلة لا يختلف حولها اثنان. غير أن الذي جرى بين مجموعة من الكتّاب المهتمين بالشأن الاجتماعي المحلي في جلسة مصارحة واعتراف وتوق إلى الاستجابة والتفاعل الجاد، والمبادرة إلى إيجاد البدائل والحلول، جعل التصور المثالي السابق لتلك العلاقة نوعاً من التنظير الذي لا رصيد له في مصارف الحقيقة والواقع.. أو أنه - في أقرب تقدير - نوع من التفاؤل والأمل الذي يأخذ بطموح الكاتب وهو يقوم بدوره التنويري والإصلاحي إزاء وجوده الذي يعيش فيه. قال أحد الكتاب: هناك كثير من القضايا الاجتماعية والمسائل والمشكلات ما زال مستعصياً وعالقاً بما يشبه المستحيل، برغم هذا الكم الهائل من الكتابات اليومية والأسبوعية!! وقال آخر: منذ أمد ليس بالقصير وأنا أكتب وأبدي وأعيد حول كثير من الإشكاليات، ولا أرى شيئاً يتغير. وأضاف ثالث: أنا أريد أن أسجل في سيرتي ومذكراتي أن مسؤولاً أو صاحب قرار قد أشار إلى كتابة من كتاباتي، أو طلب إليّ المشاركة في النقاش والحوار. وقال كاتب حاول أن يهدئ من روع زملائه: الذي أعرفه أن في كل منشأة حكومية وغير حكومية إدارة تتولى المتابعة والنقاش أو - على أسهل مهمة - تقوم بالرد على ما يكتب وينشر.. غير أننا لا نرى ذلك ولا نلمسه بوضوح.. كما أن المطلوب ليس الرد والتوضيح فقط، وإنما التنفيذ والتغيير. من المتفق حوله أن التعميم غير وارد، وأن هناك مسؤولين وأصحاب قرار يمتلكون تلك الروح من الإيجابية والتفاعل، غير أن الأزمة والعقدة هنا هي أن يعتقد أو يتصور المسؤول أن ما يكتب ويحرر في الصحف تحديداً إنما هو ضده وضد الجهاز الذي يعنى به، وأن الهدف من تلك الكتابات هو تشويه صورته، وتلويث سمعته، والإساءة إلى جهازه!! وذلك - كما يقال - الشيء الذي لا حل له. هل في الإمكان أن أسرد جملة من الإشكاليات المزمنة - إذا صح الوصف - التي لم تتحلحل ولم تتزحزح برغم الكتابة والنقاش والأخذ والرد حولها؟ سأكتفي هذه المرة باعتقادي الجازم بأن النماذج والأمثلة على قدر من الوضوح والإلحاح إلى حد لا تحتاج معه أدنى إشارة!! إذاً.. ما الذي أصاب تلك العلاقة الحتمية في جدليتها؟ وما الذي جعل الكاتب والمجتمع وجمهور القراء ينعون تلك الحميمية التي غادرت الحقيقة وهجرت الواقع، وسكنت التنظير والتصور والآمال المقتولة؟ وأعتقد جازماً كذلك أن من حق الكاتب والقارئ معا أن يسجلا ذلك السؤال العريض الفادح حول الأهمية والجدوى التي يمكن أن تتحقق من هذا الكم الهائل من الكتابات والتعليقات والاستفسارات التي تنبعث في نسبتها الطاغية من اللهفة والشوق والرغبة العارمة من أجل الأصلح والأنفع والأجمل والأكمل لأطياف المجتمع كافتها. أتمنى - يا جماعة الخير والفضل والنبل - أن أعثر في مقابل ما سبق على نسب مقبولة معقولة تبعث على شيء من الفأل.

مشاركة :