سورية اليوم - عبد الله بن عبد الرحمن الزيد

  • 4/3/2015
  • 00:00
  • 11
  • 0
  • 0
news-picture

مرت خمس سنوات عجاف على القطر العربي السوري الشقيق.. مرت تلك السنوات المهلكة المبيدة على الشعب بأطيافه كافتها، وعلى الجيش الحر، وعلى صنوف المقاومة كلها وعلى المعارضة الداخلية والخارجية.. وعلى (برهان غليون) و (سمير شنار). برهان غليون - تحديداً - لم يكن يتصور ولم يخطر له في بال أن الاغتيال والدمار والمصادرة يمكن أن تتجاوز العقل والفكر والوجدان وتسحق كل ما له علاقة بالحياة والوجود وشرعية البقاء على قيد الرجاء.. كان يتصور وهو يتحدث بتلك اللغة الفارهة وذلك التنظير الحي، وذلك الأمل والاستشراف أن موعداً مع الشفاء والعافية، والبعث الكوني المدهش، سوف يفاجئ ذلك الشعب وأمته المتلهفة إلى مواسم الغوث والتحولات المدهشة! وسمير شنار وكل أعضاء المجلس الوطني الجديد لم يكونوا يتوقعون أن المصير خلال هذه السنوات العجاف هو اللجوء والإقامة في تركيا! كانت بدايات الثورة ومقاومة الظلم والاستبداد في القطر السوري الشقيق مجللة بالشرعية والمنطقية، مكللة بالفأل والأمل، مجملة بإنسانية المقاصد والأهداف، وكادت أن تكون مكملة بالفوز والنصر الكبير لولا حدوث ذلك الشلل العظيم وذلك الشرخ الكبير في حدس الترتيب والتنظيم والتنفيذ.. وقد تمثل ذلك الشلل وذلك الشرخ في ثلاث كوارث حصلت على صعيد المقاومة الذي كان ينتظر غيث الخلاص.. تلك هي: التدخل الإيراني الاحتلالي البغيض، وتنفيذ مخططه التوسعي من خلال حزب الشيطان الصهيوني في الجنوب اللبناني. قيام دولة الفنتازيا الدينية والسياسية (داعش)، ودخولها المباشر إلى نسيج المقاومة. السلبية العالمية التامة والكيد السياسي الذي مارسته الدول الكبرى ولكلٍّ أسلوبه -- وفي مقدمتها: أمريكا وروسيا! الكارثة الأولى، خلطت الأوراق والحسابات، وقطعت نياط الركن التكتيكي والاقتصادي للمقاومة. والكارثة الثانية، فصلت رأس المقاومة، وقطَّعت جسد الثورة، وتمثل ذلك مباشرةً في التوجه إلى مقاومة الدولة الفنتازية، وفي الاختلاف القاتل والتناحر بين فصائل المقاومة. أما الكارثة الثالثة فقد منحت فصائل المقاومة والثورة تصوراً وشعوراً واقتناعاً استثنائياً بأن كل العالم يقف ضدها، وبأنها -وحدها- في مهيع سياسي ووجودي، وبأنها على شفا جرف انهيار لا قيامة لها من بعده. الشعب السوري شعب حي، ويمكن تصنيفه بأنه من الشعوب التي تمتلك عبقرية العمل والإنتاج والإبداع، غير أنه مُنِيَ منذ عقود متوالية بتركيبة سياسية متزمتة كئيبة، وبالرعب والخوف، وبالتبكيت والتنكيل، فلم تتحمل مسؤولية مستقبله كل عفاريت الأرض والفضاء! السنوات الخمس العجاف أكملت الناقص كما يقال، فهي لم تكتف بالتهام ما قُدِّمَ لها من مقدرات الحياة في هذا الوطن المنكوب، وإنما.. أتت على الأخضر واليابس، وجعلت هذه الأرض المترعة بالخيرات قاعاً صفصفاً يوحي بالخسف والدمار والنهايات المأساوية. أسارع قبل الختام.. وأسجل أن عنوان هذا اللقاء، وكل ما سبق لا يعني بأي حال ولا بأي صفة ولا بأي رؤية أن القطر العربي السوري كان في وضع أفضل، وإلا لما احتاج إلى الثورة والمقاومة، وانتفض مثل غيره ممن انتفض في وجه البغي والطغيان والقهر والموت والانقراض. كل ما نستطيع أن نسجله بفلسفة استحضار ما سوف يكون هو: أن ما حدث، وما يحدث الآن هو قدر الأشقاء في سورية، والأقدار عادةً لا يمكن التنبؤ بفقراتها المقبلة .. لكن.. لابد لليل أن ينجلي ولا بد للقيد أن ينكسر

مشاركة :