كيف يتم اختطاف هؤلاء الشبان؟ - عبد الله بن عبد الرحمن الزيد

  • 5/1/2015
  • 00:00
  • 8
  • 0
  • 0
news-picture

حقاً.. وصدقاً.. وحق اليقين.. وعين اليقين.. كيف يمكن أن يُسْتَلَبَ شاب في انتمائه وأخلاقه ووطنيته؟! وكيف يمكن أن يصادر منه حبه لأرضه وناسه وولاؤه لدولته؟!.. وقبل ذلك وبعده، كيف يخرج هو من دينه ومعتقده الذي يحرّم عليه العدوان والإجرام والبغي والإفساد في الأرض، ويتحول إلى إرهابي لا هوية له ولا انتماء ولا خلق ولا دين، وكل ما يعنيه في لحظة من اللحظات هو أن يتحول ما أمامه من بشر وشجر وأرض ومقدرات ووجود وكيان إلى رماد؟! منذ أن تشجر في وجودنا الرعب والاستغراب والاستنكار والرثاء من التفجيرات والاغتيالات الأولى، إلى الإجرام النوعي الذي نفذه الشابان (أبو نيان) و (العنزي) في حق رجلي الأمن الشهيدين (ثامر المطيري) و(عبدالمحسن المطيري)، ونحن لا نستطيع ولا نتمكن من الوصول إلى أسرار الخارطة النفسية والفكرية والأيديولوجية التي تتحكم في تصرفات هؤلاء الشبان التي لا يمكن أن تخرج بحال من (كاتالوجات) المجانين والحشاشين والذين لا يفيقون من هلوسة المخدرات. أنا أستبعد أيها الأحبة أن يتمكن فكرٌ ما أو معتقد أو أي أيديولوجيا من تسخير إنسان عاقل عن بُعد ليقوم بمثل ما يقوم به هؤلاء الشبان الذين يعيشون في وطن هو بالمقاييس العالمية وطن استثنائي في متطلبات الإنسان وشروط الوجود ولا تمكن مقارنته ببلدان كثيرة فيها ما يكفي لكي يمزق الإنسان نفسه، إلا إذا كان لا يملك من أمر نفسه وعقله وتفكيره شيئاً، وماتت لديه خلايا التمييز والمقارنة والإدراك، وتحول إلى مخلوق آخر لا علاقة له بالسياق الإنساني الحقيقي ولا بأي شيء يتعلق بالحياة. هناك أشياء وأسباب ودوافع غير ماثلة للرؤية ولا للرؤيا. والميتافيزيقيا التي تتوالد فيها هذه الأجواء والمناخات مخيفة جداً؛ لأنها لا تخضع للمنطق ولا للمعقول ولا حتى للوارد والمتوقع.. وإذا تَوَكَّدَ ذلك فإننا وجهاً لوجه أمام كارثة ومصيبة ومأساة من نوع لا تجدي معها كل صيغ التفسير والتحليل ودراسات الليل والنهار. وإذا استحضرنا الوعي والتوعية التي هي أقرب ما يفكر فيه المهتمون فإن المسألة سوف تتبدى وتتراءى خارج الإطار أصلاً؛ فالوعي والتوعية متوفران أكثر من ذي قبل لكن لا مردود ولا فائدة!! هل نخلص من ذلك إلى نوع من الفقدان المرعب، وبأنه لم يعد للحلول حضور؟ لا شك ولا ريب في أن الذي يحضر الآن هو نكهة الإشكاليات الصعبة المغلقة التي تجعل من يهمه الأمر - وكلنا ذلك المسكون بالفجيعة - تجعله يدور حول نفسه مستصيباً.. ولا أحد يمكن أن يلوم أحداً في الحزن والألم والأسى من إشكالية وجودية وطنية كونية مثل أن يتحول شاب يافع مفعم بأسباب الحياة والنعيم المقيم إلى خنجر مسموم يغمد حتى المقبض في ظهر الوطن. ومن أجل ألا يستغرب المتلقي هذا الإيغال في التعقيد فإن له أن يتصور ويستحضر شبكة لا حدود لمفاصلها من الخسران المبين الذي لا تمكن النجاة منه، ويكفي - فقط - أن نضع المصيبة الدينية والوطنية والأخلاقية في حسبان الهم والاهتمام لندرك وبالعذاب كله حجم الفجيعة. أستطيع أن أبوح الآن بما يشبه نصائح المشفقين، وأقول: أيها الشاب المفعم بأسباب التضحية والفداء: هذا وطنك.. ولدت فيه، ونشأت واستويت على أرضه.. تنفست هواءه، وشربت من مائه، وتمتعت بطيباته، وها أنت الآن في عز شبابك وقوتك وفتوتك.. هل يليق بك أن تكافئ هذا الوطن بما لا يليق به؟ هل جزاء وطنك أن تتحول إلى عدو خائن تحقق ما يتمناه أعداؤه؟ إن كل الذنوب قد تغفر، غير أن ما تقوم به أيها العاق الغادر الخائن لا يغتفر؛ لسبب قريب وهو: أنك ملعون في الدنيا والآخرة.

مشاركة :