يأتي توجيه عاهل البلاد المفدى جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة -حفظه الله ورعاه- بتوفير الدعم الحكومي لتطبيق قانون رقم 18 لسنة 2017 بشأن العقوبات والتدابير البديلة بأهمية بالغة، وذلك لما يمثله هذا القانون من تحول جذري في مسار العدالة الجنائية في مملكة البحرين. من نافلة القول، إن القانون البحريني يعالج قسمين من إجراءات العدالة الجنائية. الأول: هو الذي يعالج العقوبات البديلة في حد ذاتها. أي العقوبة التي يجوز للقاضي أن يقضي أو يأمر بها بدلاً من العقوبة الأصلية. والقسم الثاني هو المتعلق بالتدابير البديلة والتي تكون بأمر من القاضي أو النيابة العامة بحسب الأحوال. وحديثنا اليوم عن القسم الأول الذي تناول العقوبة في نص المادة (2) من القانون وحددها بالآتي: أ) العمل في خدمة المجتمع. ب) الإقامة الجبرية في مكان محدَّد. ج) حظْر ارتياد مكان أو أماكن محدَّدة. د) التعهُّد بعدم التعرُّض أو الاتصال بأشخاص أو جهات معيَّنة. هـ) الخضوع للمراقبة الإلكترونية. و) حضور برامج التأهيل والتدريب. ز) إصلاح الضَّرر الناشئ عن الجريمة. أما المادة (3) من القانون فقد أشارت إلى أن «العمل في خدمة المجتمع يكون بتكليف المحكوم عليه وبموافقته بالعمل لصالح إحدى الجهات دون مقابل، ويراعى في العمل توافقه مع مهنة المحكوم -إن أمكن- وألا تزيد على سنة، وبما لا يجاوز ثماني ساعات يوميًا. ويستفاد من ذلك أن المشرع حدد أولاً: موافقة المحكوم عليه وقبوله تنفيذ العقوبة البديلة، ثانيًا: الملاءمة الشخصية للعقوبة البديلة للمحكوم عليه مع مهنته السابقة أو مهاراته وخبراته الشخصية؛ وذلك بما يحقق الغاية من العقوبة البديلة نفسها. ثالثًا: النطاق المكاني للعمل، رابعًا: الحد الأقصى للعقوبة البديلة وهي عام واحد. رابعًا: لا تتجاوز مدة العقوبة البديلة (العمل) ثماني ساعات يوميًا. حدد المشرع «الإقامة الجبرية» في مكان محدد بحسب نص المادة (4). وهي تكون بإلزام المحكوم عليه عدم مغادرة محل إقامة محدد أو نطاق مكان معين. والتي أحال المشرع في تحديد الإجراءات اللازمة لتنفيذها والحالات والأوقات التي يجوز فيها للمحكوم عليه الخروج من محل الإقامة الجبرية يصدر بها قرار من وزير الداخلية. في حين جاءت المادة (5) من القانون في حظر ارتياد مكان أو أماكن محددة يكون بإلزام المحكوم عليه بحظر ارتياد نطاق جغرافي معين ذي صلة بالجريمة. وأيضا أناط ذلك بوزير الداخلية لإصدار قرار يحدد الحالات والأوقات التي يجوز للمحكوم عليه ارتياد المكان أو الأماكن المحظورة. ويفهم من ذلك أن هذه المادة حددت الحالات والنطاق الجغرافي والزماني بحسب قرار وزير الداخلية. وجاء «التعهد بعدم التعرض أو الاتصال بأشخاص أو جهات معينة يكون بإلزام المحكوم عليه بعدم التعرض ماديا أو قوليا أو غيرها من أشكال التعرض وبمنعه من الاتصال والتواصل بأشخاص أو جهات ذات صلة بالجريمة وذلك بأية وسيلة كانت» بما تضمنته نصا المادة (6). ولعلنا نشير هنا إلى ضرورة أن يتم تفسير هذه المادة بما يواكب الغايات النبيلة التي ابتغاها المشرع من هذا القانون، حيث إن المادة خلت من الإشارة إلى الجهة المنوط بها تطبيق هذا النص. كما أشار المشرع مع المواد السابقة واللاحقة لهذه المادة. * محام بحريني
مشاركة :