تستعيد الأسر في المملكة خلال شهر رمضان المبارك ذكريات الموائد الرمضانية بإعدادها الأكلات الشعبية التي كانت سائدة في الماضي خلال رمضان، في تعبير عن موروثها الشعبي من الأكلات التي تتميز وتتفنن بتحضيرها كل منطقة من مناطق المملكة، وورثها الآباء عن الأجداد وأورثوها لأبنائهم وبناتهم، وحافظ عليها البعض وتركها البعض الآخر في هذا الوقت، فيما تعتمد بعض الأسر التنوع في موائدها بين أكلات شعبية وأصناف أخرى من الأكلات الحديثة إرضاءً لذائقة أفراد العائلة. وتتفرد كل منطقة من مناطق المملكة بأكلات تتميز في تحضيرها وأصبحت علامة مسجلة لها، وتعد رمزاً لتراث الأجداد والآباء ووجودها أساسياً في سفرة الإفطار الرمضانية، لما لها من قيمة غذائية وصحية عالية، إلى جانب حضورها في أغلب المواسم. ففي رمضان تحرص الأسر على الطابع البسيط في سفرتها، فهي تخلط بين الأكل الشعبي والحديث، وتعد السمبوسة واللقيمات والشوربة الأشهر حضوراً على الموائد الرمضانية. وتمثل بعض المأكولات الشعبية اهتماماً لدى أهالي منطقة نجد في رمضان مثل العصيدة، والمرقوق، والمفروك، والمطازيز التي يعتمد تحضيرها على حبوب البر الأسمر، وتتميز كل وجبة بخصائصها، فمنها ما تختص باللحم والخضروات كالمرقوق، ومنها ما يضاف إليه العسل والبصل كالمفروك، كما يعد الجريش إحدى الوجبات الحاضرة نوعاً ما في رمضان الذي يعد من من أيسر وأسهل الأغذية إعداداً وأكثرها انتشاراً في المنطقة ويعد من القمح المجروش. وتشتهر نجد بالحنيني الذي يكثر تقديمه على موائد الإفطار في شهر رمضان، ويصنع من التمر والطحين والزبدة، ويحتوي الحنيني على سعرات حرارية مفيدة للصائم في رمضان، مثل التمر الذي يمد ويعوض الصائم بالسكريات، فيما يعد القرصان من الوجبات التي اكتسبت شهرة في العصر الحديث وفي الزمن السابق لفوائدها المتعددة، ويتم إعدادها من القمح الأسمر. وفي القصيم تحرص الأسر على وجود أكلة «التاوة» على موائدها في وجبتي الإفطار والسحور والمكونة من دقيق القمح، إلى جانب العديد من الأكلات الأخرى التي تحرص الأسر على حضورها في موائدها الرمضانية مثل الثريد، والمثرود، والمقشوش، والهريس، والمليحية، والخميعة، والفتيتة، والمحموسة التي تشتهر بها منطقة حائل وغيرها. وتتصدر المأكولات الحجازية موائد الإفطار والسحور لدى أهالي المنطقة الغربية للمملكة كعادة سنوية عرفت بها المنطقة قديماً، وفي مقدمها الصيادية والمنتو واليغمش والبليلة والفول الذي يمثل الأكلة الشعبية الأولى في وجبة الإفطار، والكبدة بوصفها وجبة غذائية شعبية عرفها أهالي المنطقة منذ عقود قديمة، كما يحرص أهالي مكة المكرمة على شرائها وخصوصاً بعد صلاة التراويح. وكذلك أكلة السويق المشهورة في محافظة الطائف التي تتكون من الشعير والمعقل، وتعتمد في تحضيرها على البر والرز، ويوضع عليهما السمن واللبن والمعدوس، ويلازم السفرة الرمضانية في المدينة المنورة الشريك الحجري (السحيرة) التي تخبز على شكل دوائر، ويرش عليها من الخارج القليل من السمسم الذي يكسبه طعماً مميزاً ليجد طريقه بعد ذلك إلى الأفران ثم المائدة. ويسيطر مشروب السوبيا على أغلب الموائد الرمضانية في جدة ومكة المكرمة والمدينة المنورة، وهو من أشهر المشروبات التي ترتبط بهذا الشهر الكريم. وبالتعريج على المنطقة الجنوبية من المملكة، نجد أسر المنطقة لا تزال متمسكة بأكلاتها الشعبية على رغم تنوع أصناف الأطعمة الحديثة، حيث تضم المائدة الرمضانية الجنوبية «الرقش» الذي يتكون من قطع صغيرة من خبز البر، وتتراكم هذه القطع في «المدهن» وهو ماعون حجري مجوف تشتهر به منطقة نجران، والوفد والمرق، والمغش والمرسة والسمك المكشن والمفالت، والمشغوثة وهي دقيق ممزوج باللبن الطازج وتقدم ساخنة مع التمر، وكذلك الحنيذ الذي يشهد حضوراً لافتاً على الموائد الرمضانية لكونه أحد الأكلات الشعبية المعروفة في المنطقة، التي يتم تحضيرها بتهيئة التنور (المحنذ) عبر حفرة أرضية تكون مطوية ومبطنة بالحجارة، وتضرم النار فيها حتى تَحْمَرَّ، ثم يؤتى باللحم ليوضع على أغصان وأعواد شجر المرخ المعروف، ثم يدفن ويترك لمدة ساعة، وكذلك خبز التنور، واللحوح وخبز الميفا وخبز الفطير الذي يعمل في التنور والدوح، والحلبة، وموائد رمضانية أخرى. فيما تسجل المأكولات الشعبية في المنطقة الشرقية حضورها المميز ضمن الأطباق التي تحتويها موائد الإفطار الرمضانية، ويحرص أهالي المنطقة على وجودها على المائدة مثل المصقعة، والساقو، والخبيصة، والكوارع، والرز الحساوي، وخبز الرقاق، والهريس، والنشا، والبلاليط، والثريد، والمحلبية أو المهلبية.
مشاركة :