حدث في مثل هذا اليوم: ميلاد الشاعر الحكيم عمر الخيام

  • 5/19/2019
  • 00:00
  • 9
  • 0
  • 0
news-picture

في مثل هذا اليوم الثامن عشر من مايو 1040 ولد الشاعر الفيلسوف غياث الدين أبو الفتح عمر إبراهيم الخيام، المعروف باسم «عمر الخيام» المتوفى في1131م) عالم وشاعر إيراني مسلم، ولد في نيسابور. والخيّام هو لقب والده، حيث كان يعمل في صنع الخيام. وهو صاحب رباعيات الخيام المشهورة. وكان أثناء صباه يدرس مع صديقين حميمين، وتعاهد ثلاثتهم على أن يساعد من يؤاتيه الحظ الآخرين، وهذا ما كان. فقد وصل إلى الوزارة نظام الملك فخصّ عمر الخيَّام عندها بمائتين وألف مثقال ذهب يتقاضاها من بيت المال كل عام. وهكذا صار لعمر بن الخيام الوقت الكافي للتفكير بأمور وأسرار الحياة ، بعد أن توفّرت له أسباب المعيشة. الصديق الثالث كان الفلكي نصير الدين الطوسي الذي أصبح وزيرًا لهولاكو وشيد له مرصد المراغة. اسمه عمر بن إبراهيم، كنيته أبو الفتح، ولقبه غياث الدين، وأُطلق عليه حجة الحق الإمام الفيلسوف، واشتُهر بالخيّام لقيام والده بهذه الصناعة. هو رياضي وفيلسوف وفلكي وشاعر فارسي مستعرب، وكان علاّمة عصره، فقد جمع الفلك إلى الفقه، والطب إلى قراءات القرآن الكريم، والفلسفة إلى علوم اللغة، والشعر إلى الكيمياء، واللاهوت إلى الرياضيات والتاريخ. أجمعت الروايات المختلفة على أنه كان قوي الذاكرة سريع الحفظ، وذكر الشهرزوري في كتابه «نزهة الأرواح وروضة الأفراح» أن عمر الخيّام تأمل كتابًا في أصفهان سبع مرات فحفظه ثم عاد إلى نيسابور فأملاه. يذهب معظم الباحثين إلى أنه ولد وتوفي في مدينة نيسابور، ولا يزال قبره فيها في المدفن المعروف بمشهد علي. كانت نيسابور في العصر الذي عاش فيه الخيّام تموج بالتيارات الفكرية والعلمية، وكانت مصدرًا من مصادر المعرفة في عدد من المجالات. وقد قرّب الحكّام الخيّام لصفاته العلمية والأدبية، فكان السلطان ملكشاه السلجوقي ينزله منزلة الندماء، وكان الخاقان شمس الملوك البخاري يجلسه معه على عرشه، كما كان صديقًا لنظام الملك وحسن الصباح. وقد ألبت هذه المكانة التي تبوأها الحساد والخصوم ضده وحاولوا النيل منه بأي طريقة، فطعنوا في عقيدته وذهبوا إلى أنه إباحي وباطني ومستهزئ بالدين ونسبوا إليه الزندقة واللاأدرية والدهرية، ودسوا عليه بعض الرباعيات للنيل منه. وكان الخيّام متصوفًا ومشهورًا بالشطح، فخشي على نفسه، فتكتم في لسانه وفي قلمه، ثم حج، وأقام مدة في بغداد، ثم عاد إلى نيسابور يتقي الناس بالتقوى، وسد الباب من دون مريديه. كان الخيّام متسامحًا يرى أن التسامح هو اللبنة الأولى في بناء الصداقة، كما كان عاشقًا للجمال والحياة والحب، روحه معلقة بالمحبوب دائمًا. أحب الخمر ووصفها في شعره عامة وفي الرباعيات خاصة، لكن الدارسين اختلفوا حول طبيعة هذه الخمر، أهي من عصير العنب أم هي خمر روحية صوفية. أتقن عمر الخيام اللغتين الفارسية والعربية وكتب وألف فيهما، ومؤلفاته متنوعة ومختلفة في معظم المجالات والمعارف والعلوم، لكنها تعرضت للتلف والنهب والحرق ولم ينجُ منها إلا القليل. ومما كتبه «رسالة في الموسيقى»، كما ذاعت شهرته وبراعته في العلوم الرياضية والفلكية، فعهد إليه السلطان السلجوقي ملكشاه بناء مرصد لمراقبة النجوم، وطلب منه تعديل التقويم السنوي، فوضع تقويمًا كان موضع إعجاب من عاصره واستمر الاهتمام به إلى الوقت الحاضر. وينسب إليه الباحث حنا برداق نظرية «إن حاصل مجموع عددين مكعبين لا يمكن أن يكون عددًا مكعبا»، ويرى أنه سـبق بـها العالـم الرياضي الفرنسي بيير دي فِرما Pierre De Fermat. ولقد حقق الباحثان رشدي راشد وأحمد الجبار رسالتيه: «قسمة ربع الدائرة» و«مقالة في الجبر والمقابلة». والرسالة الثانية من أهم تصانيف الخيام، إذ يقول بروكلمان: «إنها أول محاولة ناجحة لحل المعادلات التكعيبية»، وقد طبعت هذه الرسالة في باريس عام 1815. وحقق الباحثان أيضًا مجموعة رسائل للخيام نشرها معهد التراث العلمي في حلب عام 1981 تحت عنوان «رسائل الخيام الجبرية» وتضمنت «رسالة في شرح ما أشكل من مصادرات إقليدس»، و«مسائل نجومية»، وترجمت هذه الأعمال إلى عدة لغات عالمية، وتوجد مخطوطاتها الأصلية في مكتبات العالم. وللخيام أيضًا رسالة في «الاحتيال لمعرفة مقداري الذهب والفضة في جسم مركب منهما» وتعرف باسم «ميزان الحكم». أما في العلوم الإنسانية والفلسفة فقد كتب «رسالة في الكون والتكليف» بالعربية، و«الرسالة الأولى في الوجود أو الضياء العقلي»، و«رسالة في الوجود»، و«رسالة في كلية الوجود» بالفارسية. والكثير من الناس يعتقدون بأنّ الخيام لم يكن إلا شاعرًا. والصحيح انه كان من أكبر علماء الرياضيات في عصره، واشتهر بالجبر واشتغل في تحديد التقويم السنوي للسلطان ملكشاه، والذي صار التقويم الفارسي المتبع إلى يومنا هذا. وهو أوّل من اخترع طريقة حساب المثلثات ومعادلات جبرية من الدرجة الثالثة بواسطة قطع الـمخروط. وقد وضع الخيام تقويما سنويا أدقّ من التقويم السنوي الذي نعمل به اليوم. وقد فسر البعض فلسفته و تصوّفه على أنه إلحاد وزندقة وأحرقت كتبه، ولم يصلنا منها سوى الرباعيات لأنّ القلوب أحبّتها وحفظتها من الضياع.

مشاركة :