حتى الضحك له ثقافة تختلف باختلاف الأمم والشعوب ، ويعد المسلمون بشكل عام من المتحفظين بقدر على مسألة الضحك لدواعي بعض التفسيرات الخاطئة للإرث الديني في الوقت الذي تحظى الابتسامة بتشجيع الآخرين عليها إلا أن البعض ظن أن في الضحك أو الابتسامة ما يقلل من الهيبة أو الجدية، ربما لم يعلموا أن غيابها عن الإنسان إنما يؤكد ضعف الشخصية وضعف الثقة في النفس وفقاً لبعض الدراسات الحديثة. إن الضحك جزء من طبيعتنا البشرية ومن حياتنا وإذا فقدنا القدرة على الضحك ، فقدنا كل شيء.. ولهذا اعتنى العلماء منذ القدم بأهمية الضحك وفلسفته أمثال كانط، أرسطو، داروين، وفرويد. إنه لغة عالمية لا نحتاج أن نتعلمها ويقال إن الفرد منا يضحك في المتوسط 17 مرة كل يوم بمعنى آخر أننا نضحك أكثر مما نأكل أو نغني .. إنه أقصر المسافات بين اثنين. في ثقافة الشعوب إذا رأيت شخصاً يضحك لابد أن تشاركه الضحك ولو بقدر حتى دون أن تعرف السبب بغض النظر عن اللغة أو الجنسية أو اللون أو الديانة لأن الضحك شيء جميل ونحن نحب من يجعلنا نضحك، كما أننا في دواخلنا لا نرتاح للشخصية التي تتجهم وكأنه يعلن عن نفسه أنه من كوكب آخر، ومن هنا جاء المثل الشعبي (ما يضحك ولا للقرص الحار) ويطلق هذا المثل على من يمتنع عن الضحك حتى عندما يستوجب الموقف ذلك، وبعد التمعن في أصل هذا المثل وجد أنه جاء في حقبة زمنية قديمة كان الفقر الشديد سمة تلك الحقبة فكان لا يجد المرء كسرة الخبز.. وسرعان ما تمر بالإنسان الفرحة عندما يجد القرص الحار فيضحك لهذه المناسبة التي لا تتوفر بسهولة، ويقال إن النساء يضحكن أكثر من الرجال وأن حس الفكاهة لديهن أقوى ويتذوقن الفكاهة أكثر من الرجال. إن غياب الكوميديا عن مدارسنا وجامعاتنا وغياب المسرح والسينما عن مجتمعنا جعلنا نستعير الضحك من غيرنا وإن كان قد لوحظ في السنوات الأخيرة قدرة ملحوظة -عبر وسائل التواصل الاجتماعي- على السخرية والنكتة لم نعهده من قبل وهي نتيجة طبيعية لهامش الحرية الذي أعطي للمجتمع ،ويحدونا الأمل أن يتسع هذا الهامش وأن يعاد النظر في الحظر على النشاط المسرحي ودور السينما والحث على تشجيع الكوميديا بهدف الترفيه والتسلية .وإرثنا الديني مليء بما يستحثنا على ذلك ..ودعونا ندخل البهجة والسرور على بعضنا البعض ونذكر بعضنا بعضاً بالأهمية القصوى للضحك والتنكيت والصدقة الجارية «الابتسامة» ولا بأس من دغدغة من يرفض حتى لا يشذ. Qadis@hotmail.com
مشاركة :