مصر وإثيوبيا والسودان توقع إعلان مبادئ لمشروع «سد النهضة» لتأمين مصالحها في مياه النيل

  • 3/24/2015
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

شهدت العاصمة السودانية الخرطوم، أمس، حفل توقيع وثيقة إعلان مبادئ مشروع سد النهضة الإثيوبي، الذي أكد على ضرورة التعاون والتكامل الإقليمي وعدم التسبب في إلحاق أي ضرر بالأطراف الثلاثة الموقعة على الوثيقة، وهي السودان وإثيوبيا ومصر. وعقب التوقيع رفع الرؤساء الثلاثة المصري عبد الفتاح السيسي، والسوداني عمر البشير، ورئيس الوزراء الإثيوبي هايلي ماريام ديسالين، أيديهم متشابكة إيذانا بموافقتهم على إعلاء شأن مصالح شعوب بلادهم والالتزام بعدم إضرار كل منها بمصالح الآخر. وينص الاتفاق على 10 مبادئ التزمت بها الدول الثلاث، بشأن سد النهضة الإثيوبي، من بينها التعاون، وتفهم الاحتياجات المائية لدول المنبع والمصب بمختلف مناحيها، وإقرار مبدأ التنمية، والتكامل الإقليمي، والاستدامة، وعدم التسبب في ضرر ذي شأن، والاستخدام المنصف والمناسب لمياه النيل الأزرق. كما نص الاتفاق على العمل لبناء الثقة وتبادل المعلومات والبيانات. ويثير إنشاء السد وسعته التخزينية وطريقة إدارته مخاوف مصرية تتعلق بحصة مصر من مياه النيل البالغة 55 مليار متر مكعب، فيما أعلن السودان منذ وقت مبكر تأييده لإنشاء السد رغم تحفظات خبراء سودانيين أبرزهم وزير الري الأسبق كمال علي الذي يرى أن إنشاء السد وبسعة 74 مليار متر مكعب يلحق أضرارا بالسودان، أما إثيوبيا فترى في إنشاء السد حقا من حقوقها في استثمار مواردها لتحقيق رفاهية شعبها وترفض التنازل عن خططها بشأنه. وقال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال المراسم، إن بلاده تعتبر التوقيع رسالة تعبر عن حرصهم كقادة على تحمل المسؤولية تجاه شعوب الإقليم، وإن التعاون والتفهم لدوافع ومنطلقات كل طرف للآخر لا بديل عنهما، وإن مصر تسعى لجعل نهر النيل منطلقا للتعاون بين الشعوب، وإنها تختار التعاون والبناء والتنمية في علاقتها بكل من السودان وإثيوبيا. وعقب تلاوة كلمته الرسمية، ارتجل الرئيس السيسي كلمة شفاهية بصفته «مواطنا مصريا» قال فيها، إن توقيع الاتفاق تعبير عن الرغبة الصادقة لتحويله لواقع عملي لمصلحة الشعوب الثلاثة، وأضاف: «الخطوة تعد أصدق برهان على قدرة دولنا وإصرارها على ترجمة مفهوم المنافع المشتركة إلى واقع ملموس يبث الأمل في شعوبنا». وأشار السيسي في كلمته إلى أن فوائد المشروع تتعدى الدول الثلاث لدول حوض النيل، وأن حكومته تتطلع للفوائد المتحققة عبر الحوار المثمر للوصول لاتفاق تفصيلي، وأضاف: «إننا اخترنا التعاون والبناء والتنمية، وأن نثق في بعضنا البعض حتى نصل إلى الهدف المنشود». واستطرد: «نريد أن نعمل سويا لتعويض شعوبنا ما فاتها، ومن أجل تحقيق الاستقرار، ونحن مصممون على تحمل مسؤولياتنا تجاه شعوبنا»، وأضاف باللهجة المصرية: «حصل قلق كثير وشكوك بين الشعوب في السنوات الماضية، ونحن عندما تحركنا مع بعضنا نريد أن نبدأ حقبة جديدة من التعاون والمحبة والثقة، ونحن نقدم لشعوبنا في مصر وإثيوبيا والسودان اللي قلبها وعقولها معانا دلوقتي، لأننا بنتكلم في حياة، لذلك جئنا بكل الحب والإخلاص والأمانة ونياتنا طيبة جدا، نحن متأكدين أن أشقائنا على نفس هذا المستوى، ومصر حريصة على المصالح التي لا تلحق أضرارا بالآخرين». من جانبه، قال الرئيس السوداني عمر البشير، إن بلاده ملتزمة بالاستمرار في التفاوض للوصول إلى اتفاقيات تفصيلية لاستكمال وثيقة إعلان مبادئ سد النهضة، بما يضمن عدم الضرر بمصالح بقية الشعوب، وإن التعاون هو السبيل الوحيد للتفاهم بين شعوب البلدان الثلاثة ومن دونه تضيع فرصة الحياة الكريمة للشعوب. أما رئيس الوزراء الإثيوبي ديسالين فقد قال في كلمته بحفل التوقيع إن بلاده ملتزمة بالمصالح المشتركة مع كل من مصر والسودان، ومتعهدة بعدم إلحاق الضرر بأي منهما. وأوضح أن توقيع وثيقة إعلان المبادئ بشأن سد النهضة يعد خطوة جديدة وأساسا تبني عليه الدول الثلاث مستقبلها، وقال: «سد النهضة مشروع يمكن أن يبلور أساسا لتعاون إقليمي». وأكد ديسالين التزام بلاده شعبا وحكومة بالتعاون من أجل المصالح المشتركة في حوض النيل، وأنها لن تلحق أي ضرر بدول المصب، وأنها مقتنعة بأن السد يؤكد التزام شعب إثيوبيا بمصالح دول الحوض. وأضاف ديسالين: «مياه النيل مصدر الحياة لشعوب حوض النيل، ونحن عائلة واحدة نتشارك في النيل، ونسعى لتحقيق التنمية من خلال الاستفادة منه باعتباره رمزا للتعاون، وتوقيع إعلان المبادئ سيمهد الطريق إلى مزيد من التعاون». وقطع ديسالين بأن فوائد السد لن تكون حكرا على بلاده، وأن بناءه يقوم على مبدأ «الكل رابح»، ودعا للنظر إلى فوائد المشروع المستقبلية للأجيال المقبلة في الدول الثلاث في المنطقة التي توارثت الجفاف والتصحر والفيضانات، وأكد أن السد سيسهم في تأمين وضع أفضل لشعوب المنقطة بكاملها. من جهته، أشار عضو وفد التفاوض الإثيوبي أحمد الفكي لـ«الشرق الأوسط» إلى أن الأطراف وقعت اتفاقية مبادئ التعاون بشأن ملء الخزان وتشغيله والتعاون المشترك بين البلدان الثلاثة. وأوضح أن الاتفاقية لم تتناول القضايا الفنية المتعلقة بسنوات الملء، وأن مجمل ما اتفق عليه متعلق بملء الخزان وتشغيله، ونفى المسؤول الإثيوبي أن تكون الاتفاقية سرية بقوله: «هذه اتفاقية على المبادئ أقرت جلوس البلدان الثلاثة لبحث التفاصيل الفنية، والعمل على تحويل هذه المبادئ لميكانيزمات عمل». وأضاف الفكي أن المفاوضات الماضية كانت ذات طابع فني، أما الاتفاق الذي وقع أمس، فهو «اتفاق سياسي على المبادئ التي ستعمل الدول الثلاث عليها». ووصف وزير الموارد المائية والكهرباء السوداني معتز موسى توقيع إعلان المبادئ للتعاون في سد النهضة الإثيوبي بأنه طي لما سماها «صفحة من الخلافات والشكوك» وأضاف: «بدأنا مرحلة جديدة من التعاون، وبناء الثقة، والعمل على أرض الواقع». فيما وصف وزير الري المصري حسام مغازي الاتفاق بـ«التاريخي والهام» في مسيرة الشعوب الثلاثة، وقال: «بتوقيع الاتفاق، نكون قد بدأنا صفحة جديدة من التعاون والعمل سويا، نحو تحقيق المنافع المشتركة في المجالات الأخرى كافة».

مشاركة :