مواقع التقاطع الاجتماعي | محسن علي السُّهيمي

  • 3/25/2015
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

إلى وقت قريب ونحن نَصِم الغربَ بأنه مجتمع بهيميٌّ، لا روابط تجمع أفراده وتعمل على زيادة فرص التواصل واللقاء بينهم. فالغرب – من وجهة نظرنا – مُفكَّك، لا يعرف لروابط النسب ووشائج الرَّحِم وأواصر القُربى أي معنى، ولا تشكِّل تلك الروابط لديه أي قيمة، إلا ما تعلَّق بالجوانب المادية الدنيوية ، ففي هذه الحال تجمع بين أفراده المصالح متى تحققت، وإذا ما انتفت تقطعت تلك الروابط المصلحية. في الجهة الأخرى كنا نقف موقف الزهو بالروابط التي تربط بيننا، نقف موقف الفخر بما يجمعنا ويؤلف بين قلوبنا ويجمع شتاتنا ويجعلنا على تواصل ولقاء شبه مستمرين. وتمضي الأيام، وتأتي الحضارة المادية الغربية بما يزعزع حدود المعادلة السابقة ويعمل على تبديلها تبديلاً لا أقول (كُلِّيَّا) لكنه تبديل أحدث انقلابًا في حدودها، وأوجد حدًّا لاستمرارية كِفَّتها الراجحة معنا. ما حدث على أرض الواقع هو ما يُعرف بثورة الاتصالات ومنها مواقع التواصل الاجتماعي كالفيس بوك والتويتر والواتس والمدونات والمنتديات وغيرها من المواقع التي تكاثرت في فترة زمنية متقاربة فكانت أشبه بالعاصفة الهوجاء التي أتت على كل شيء، وأسقطت كثيرًا من الرموز وأقامت مكانها رموزًا جديدة. والسؤال المُلِح في هذه المعمعة التقنية: هل مواقع التواصل الاجتماعي كان لها من اسمها نصيب؟ بمعنى: هل ساهمت في زيادة فرص اللقاء والتواصل، أم أنها جاءت عكس دِلالة المسمى فأحدثت فجوة بين الأهل والأقارب والأصدقاء؟ وإلى من يميل مؤشرها الإيجابي؟ وإلى من يميل مؤشرها السلبي؟ يأتي الجواب على لسان الدكتور فهد السنيدي في محاضرة له نظمتها اللجنة الثقافية بالقنفذة التابعة لأدبي جدة قبل فترة عندما ذكر –والعهد على الذاكرة- أن المجتمع الغربي عُهد عنه أنه مفكك اجتماعيًّا؛ فليس بين أفراده من الروابط المتينة ما يجعلنا نقول عنه أنه مترابط اجتماعيًّا، ولذلك كان مجيء مواقع التواصل الاجتماعي بمثابة (الرحمة) بالنسبة له؛ لأنها ضيقت فجوة القطيعة الحالَّة بين أفراده، بمعنى أن هذه المواقع حملت من الإيجابيات بالنسبة للغرب ما يجعلنا نضفي عليها بالفعل مسمى (تواصل). في المقابل يرى الدكتور السنيدي أن هذه المواقع بالنظر إلى متانة الروابط في مجتمعاتنا المسلمة نجدها (أضعفت) تلك الروابط إلى حد كبير بعد أن كانت متينة تستمد قوتها من تأكيد الشرع المطهر عليها وحثَّه على التواصي بها. حقًّا.. لقد جعلتنا هذه المواقع الاجتماعية –عبر الأجهزة الذكية- نعيش حالةَ قطيعة، وفي جزر معزولة، وهو ما يستدعي وقفة جادة من المختصين لمواجهة هذه الظاهرة المتنامية، بحيث تضعها في حجمها الطبيعي دون استخدام فعل المصادَرة. Mashr-26@hotmail.com

مشاركة :