متطرفون على أي حال | محسن علي السُّهيمي

  • 6/24/2015
  • 00:00
  • 15
  • 0
  • 0
news-picture

الطَّرَف عند (ابن فارس) في مقاييسه «يدل على حدِّ الشيء وحرفه»، وعليه فالتطرف يعني الميل عن خط الوسطية والاعتدال. وقد أورد موقع (السَّكِينة) المعني بقضايا التطرف والإرهاب تعريفَ التطرف من الناحية الاصطلاحية، فذكر أنه «تجاوز حد الاعتدال، سواء كان في العقيدة، أو في الفكر، أو في السلوك». ما رسخ في الذهنية المحلية هو (التطرف الأصولي) المتولد نتيجة الابتعاد عن الوسطية والاعتدال في أمور العقيدة والعبادات، وهو ما يعني أن التطرف لا يوجد إلا عند من يسمَّون بالمحافظين، أما ما عداهم من معتنقِي أفكار العلمنة والليبرالية فهؤلاء منزهون عن الميل عن الوسطية والاعتدال في أفكارهم وأحكامهم وسلوكهم!!. وأنا هنا أركز على التطرف لا الإرهاب؛ لأن التطرف سمة يتلبس بها الجميع على تفاوت حتى وإن كابر البعض وحاول التبرُّؤ منها. فإذا ما اتفقنا على أن التطرف هو الميل عن الوسطية والاعتدال خاصة في (الأفكار والأحكام) فإننا بهذا نكون إزاء كم وافر من المتطرفين على مختلف التوجهات والانتماءات، والسمات الخارجية. يذكر الدكتور أحمد قران في برنامج (حديث الخليج) أن هناك مَن «ليس بدقن (حليق) ويدخن ويسافر ولكنه في داخله متطرف» وهي شهادة لا تقبل النقض، وفي يقيني أن الدكتور لا يقصد أن بدواخل هذا الصنف تطرفًا أصوليًّا -كونهم غير ملتزمين- وإنما بدواخلهم تطرف آخر متمثل في أحكامهم الجائرة ومصادرتهم آراء خصومهم والتجييش ضدهم وتخوينهم وقلبهم للحقائق، وهذه الصفات لا شك أنها من الميل عن الوسطية والاعتدال، وهي في مجملها من التطرف الذي يوهمنا (بعضهم) أنهم بُرَآء منه. لذا ينبغي العمل على تصحيح المفهوم السائد عن التطرف حينما تم حصره -عمدًا- على التطرف الأصولي المرتبط بفئة ذات سمات معينة، في حين أن التطرف لا يتوقف عند مذهب أو تيار، ولا يعترف بالسمات الخارجية، ودونكم التطرف المسيحي الذي أباد ملايين البشر مع أن سماتهم لا تتطابق مع سمات المتطرفين الأصوليين. في كتابهما (الإسلاميون ومركز راند- قراءة في مشاريع الاعتدال الأمريكي) يذكر بلال التليدي وعادل الموساوي أن غير واحدة من الدراسات السوسيولوجية الغربية انتهت إلى أن التطرف ليس مشكلة دينية؛ وإنما هو مشكل معقد، له واجهة سياسية، وواجهة تنموية، وواجهة دينية. تابِعوا الكتابات الصحفية والحوارات التلفازية وتغريدات البعض تجدوها متطرفة تطرفًا حادًّا لا يعرف العدل ولا يمتثل للحق، وتعمل على قلب الحقائق، وإلا بمَ نفسر ثورتهم على مجلس الشورى حينما لم يصوت لمشروع الوحدة الوطنية مقابل صمتهم عنه حينما صوت بعدم الموافقة على توصية تطالب الجامعات (بعدم إلزام) المعيدات والمحاضرات بالدراسة في الخارج في تخصصات تتوافر فيها الدراسة بالمملكة، مع أنهم يتباكون دائمًا على حقوق المرأة؟ بمَ نفسر بكائياتهم على شهداء القديح مقابل تجاهلهم لشهداء الحد الجنوبي والشهيد القرشي؟... ذاك هو التطرف. Mashr-26@hotmail.com Mashr-26@hotmail.com

مشاركة :