وقفات تحليلية لأحاديث قيادة البلاد في شهر رمضان المبارك (2)

  • 5/24/2019
  • 00:00
  • 8
  • 0
  • 0
news-picture

على الرغم من التحديات الإقليمية والدولية الراهنة حيث تتصاعد التهديدات بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران من جانب، ومن جانب آخر تعرض عدد من السفن التابعة لدولة الإمارات العربية المتحدة للتخريب في المياه الاقتصادية للدولة، والعدوان الحوثي بطائرات إيرانية مسيرة على منشآت نفطية سعودية، وقذائف صاروخية على مدينتي مكة المكرمة وجدة ما يتطلب المزيد من الاستعدادات والمتابعة والاجتماعات بين قيادة البلاد ومجلس الدفاع الأعلى ومجلس الوزراء والهيئات الأمنية والاستخباراتية وغيرها، وهذا ما هو حاصل فعلا، تحسبا لمختلف الاحتمالات، حيث ترأس حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى اجتماعا مشتركا لمجلس الوزراء والمجلس الأعلى للدفاع، بحضور صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء وصاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد نائب القائد الأعلى النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء مساء الخامس عشر من مايو الجاري، حيث خصصها جلالته لبحث مستجدات الأوضاع الراهنة على الساحتين المحلية والدولية، فإن جلالة الملك المفدى حفظه الله ورعاه رغم كل المسؤوليات والانشغالات والتحديات الراهنة، لم يغير من منهجه الرمضاني حيث استقبل في قصر الصخير مساء الإثنين الخامس عشر من رمضان المبارك، جموع المهنئين بالشهر الفضيل، من أهالي محافظات المملكة، الجنوبية، والعاصمة، والمحرق، والشمالية، وذلك في إطار التقاليد التي يحرص جلالته على استمرارها، وهو القائل «إن أجمل ما في هذا الشهر المبارك، بعد صيامه وقيامه، هو بركات التواصل التي يحرص على إدامتها أهل البحرين الكرام، تجسيدا لقيمهم الأصيلة في التواصل والتراحم فيما بينهم، وإحياء عادات عريقة ألفناها بيننا ونجد فيها سعادة اللقاء، وفرحة التقارب والمودة»، وفي كلمته الترحيبية السامية بالحضور، وتقديم الشكر على حضورهم، جدد جلالته التأكيد على هذا الحرص حيث قال: «نشكر لكم بداية وصلكم الطيب الذي نسعد به على الدوام، ونحييكم في لقاء سنوي نحرص على إقامته ابتهاجًا بقدوم شهر الرحمة والغفران بقيمه ومعانيه النبيلة الداعية إلى الخير والصلاح، فتهانينا الخالصة لكم جميعًا على بلوغ أيامه المباركة، سائلين المولى أن يتم علينا فضله بقبول صالح أعمالنا فيه». وكما عهدنا جلالة الملك المفدى في رؤيته الثاقبة للأمور ومعالجته الشاملة الهادئة للأحداث والتي تعبر عن الثقة بالنفس المستندة إلى إيمان عميق بالله جل جلاله وعونه ورعايته لعباده المؤمنين، وثقته وحسن تقديره لولاء شعبه الوفي والتفافه حول قيادته بالسراء والضراء، أكد جلالته أن الاحتياطي الذي تستند إليه البحرين في مواجهة مختلف التحديات هو شعبها الوفي المعطاء، كما هو عماد البناء والتنمية والتطور عبر مختلف العصور، حيث قال جلالته «يحدونا الفخر والاعتزاز بمواقف أهل البحرين في كل المحطات وعلى مر العهود، فقد كان لرجالها ونسائها، على حد سواء، خطاهم الثابتة في إثراء مسيرة البناء الوطني.. عطاءً، وعلمًا، وعمرانًا، حيث عملوا بكل إخلاص على رعاية ثوابتنا الوطنية وتأصيل قيمنا الإنسانية، مجسدين في ذلك أرقى وأرفع درجات المسؤولية أمام كل ما يمس أمننا واستقرارنا، وإننا لعلى قناعة تامة بأن «نسيجنا الوطني الحي» لهو خط دفاعنا الأول لتماسك جبهتنا الداخلية، بقدرتها الثابتة على صد كل أشكال العنف والتطرف وإحباط أي محاولات لإثارة فتن شق الصف». وتعبيرا عن يقظة قيادة البحرين وأجهزة الدولة ومؤسساتها الأمنية، على كل ما يهدد أمن المملكة واطمئنان شعبها وضمان استقرارها وازدهارها، فقد وجه جلالته إلى «الابتعاد عن سوء استخدام وسائل التواصل الاجتماعي التي يجب أن تستخدم لما فيه خير البلاد وشعبها، وأن تكون معول إصلاح لا هدم»، مفصحا للحضور الكرام عن توجيهاته السامية في هذا الشأن إلى الأجهزة الأمنية المختصة لوضع حد للاستخدام السيئ لوسائل التواصل الاجتماعي، والتصدي بحزم لأولئك المنحرفين الذين لا يجدون أنفسهم إلا في الزوايا المظلمة بعيدا عن نور مسيرة البناء والتنمية والديمقراطية، التي تتضافر فيها جهود القيادة والشعب لتحقيق الآمال والطموحات الوطنية الحقة، والانطلاق معا نحو المستقبل المشرق، فلا مكان بيننا لمن يتطاول على القانون في دولة القانون والمؤسسات وفي ظل ظروف حرجة تمر بها منطقتنا والعالم تتطلب المزيد من الأمن والاستقرار والوحدة والتعاون. وفي إطار الموقف الخليجي والعربي المشترك للتشاور والاستعداد لمواجهة مختلف التحديات، أشاد جلالته بالجهود الكبيرة التي يبذلها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود أطال الله في عمره، ودعوته إلى عقد قمتين طارئتين خليجية وعربية في مكة المكرمة أواخر شهر مايو الجاري للتشاور والتنسيق في مجال تعزيز الأمن والاستقرار الإقليمي، مؤكدا ترحيب جلالته بالدعوة الكريمة ووقوف جلالته بجانب المساعي المباركة لخادم الحرمين الشريفين من أجل توحيد مواقف المسلمين وإعلاء شأنهم. وفي ختام كلمته السامية المباركة ابتهل جلالته إلى الله عز وجل «أن يعم السلام والوئام بين شعوب العالم أجمع، وأن يُعيد علينا موسم الطاعات والعبادات والجميع بأفضل حال، ووطننا الغالي يزهو بأمنه ورفعته ورخائه، إنه سميع مجيب الدعاء». وقد عبر الحضور من ممثلي المحافظات البحرينية عن أروع صور الوفاء لجلالة الملك المفدى، والاستعداد الكبير لمواجهة مختلف التحديات خلف قيادته الحكيمة، مؤكدين تماسك جبهتنا الداخلية ونسيجنا الوطني الذي نعول عليه في التصدي لمثيري الفتن ومن يحاول شق الصف الداخلي وكذلك الوقوف في وجه العنف والإرهاب أيا كان شكله أو مصدره، مجددين البيعة والعهد الذي ورثوه عن الآباءِ والأجدادِ، ويتشرفون بالسير عليهِ جيلا بعد جيل؛ لحمِل راياتِ الولاءِ وصِدْقَ المواقفِ، والوفاءِ والإخلاصِ والأمانةِ والتأييدِ والمحبةِ، مبدين استعدادهم العالي للجود بالنفس للذَّوْدِ عن الوطنِ وأهلِهِ ومصالِحِهِ، وحفظِ البيعةِ والولاءِ، وأنْ تبقى مملكةُ البحرينِ زاخرة بالعِزَّ والازدهارِ في ظلِّ حُكمِ آل خليفة الكرامِ. وما هذه المواقف الخالدة لشعب البحرين نتاج الالتزام بقيم الآباء والأجداد فحسب، بل إنها أيضا نتاج ما وجدوه في جلالة الملك المفدى من قدوة حسنة ومثال حي للبذل والعطاء والوفاء المتبادل، وصدق في القول والفعل، بما يحول القرارات السامية لجلالته إلى إنجازات شامخة تمنح الوطن والمواطنين قيمة مضافة تثير الاعتزاز في نفوس الجيل الحالي والأجيال الآتية. فضلا عن المعرفة العميقة لجلالته بالمحركات الأساسية لوجدان شعبه، فهو الأب الروحي والملاذ الآمن والصدر الرحب الذي يستوعب أهل البحرين على تعدد أعراقهم وانتماءاتهم ومذاهبهم، ومن ثم فإنه يمتلك المفاتيح الأساسية لمتطلبات النهوض لشعبه المعطاء وقيادة سفينته إلى شاطئ الأمان بغض النظر عن اتجاه الريح وتقلبات الطقس وموج البحر. حفظ الله جلالة الملك المفدى، وهنيئا له شعبه الأبي الوفي، وأسمى التبريكات لجلالته بما تبقى من شهر رمضان المبارك، وهنيئا لشعب البحرين بمليكه الذي رسم له طريق العز والأمل بغد أفضل، وهنيئا لمن يحظى بتوجيهاته السديدة فتكون له عونا ودثارا لعاديات الزمن، وهنيئا لمن يحظى بلقائه فيستمد منه العزم والإلهام والأمل. وإلى محطة أخرى في مقال آخر بعون الله وتوفيقه.

مشاركة :