أعلن حزب حركة نداء تونس (جناح الحمامات)، الثلاثاء، عن تعيين القيادية والمستشارة السابقة لرئيس الجمهورية سلمى اللومي رئيسة للحزب، وهي خطوة ينظر إليها على أنها مهمة وحاسمة لتمكين اللومي من لعب دورها في توحيد “حزب النداء التاريخي” الذي تأسس خلال 2013 ونجح في 2014 في الفوز بالانتخابات البرلمانية والرئاسية قبل أن تسيطر عليه الخلافات والانشقاقات لدواع تتعلق بالزعامة. وصوت أعضاء المكتب السياسي للحزب بالإجماع لفائدة اللومي، التي شغلت منصب وزيرة للسياحة بين 2015 و2018 قبل التحاقها بالرئاسة كمستشارة للرئيس، ما يمثل إشارة دعم قوية لاستراتيجيتها في توحيد نداء تونس واستعادة الشخصيات التي غادرته بهدف بناء جبهة مدنية واسعة تستعيد مناخ انتخابات 2014 الذي أطاح به خيار التوافق مع حركة النهضة.ووصف عادل الجربوعي، رئيس المكتب السياسي للحزب، في تصريح لـ”العرب” تنصيب سلمى اللومي على رأس الحزب بأنه يأتي في إطار لمّ شمل النداء التاريخي. وأضاف الجربوعي “اخترنا اللومي لأنها شخصية وطنية توافقية تحظى بالاحترام والتقدير كما أنها من مؤسسي الحزب”. ويعوّل جمهور نداء تونس وما تبقى من قياداته على اللومي للخروج من حالة الانقسام إلى الاتحاد حتى يصل الحزب إلى برّ الأمان والاستقرار مع اقتراب السباق الانتخابي. وسيكون الهدف الأول لسلمى اللومي هو إرسال إشارات طمأنة في خطابها لاستعادة الثقة بين القيادات المؤسسة لنداء تونس والتي اضطرت للمغادرة بسبب الخلافات، فضلا عن التوجه إلى الجمهور الانتخابي للحزب ومحاولة استعادة ثقته. ويعتقد مراقبون أن اللومي قادرة على استعادة هذا الجمهور لقدرتها على الإقناع والخطاب الهادئ الذي تقدمه، فضلا عن استثمار صورتها كشخصية نسائية مثقفة وكادر من درجة أولى، مرّت بعدد من الوزارات وتركت انطباعات جيدة، وخاصة سجلها النظيف في ملفات الفساد والمحسوبية التي باتت سمة لأغلب الطبقة السياسية الحالية التي باتت توصم شعبيا بالوصولية والانتهازية. وفي 15 مايو الجاري، استقالت سلمى اللومي من منصبها مديرة للديوان الرئاسي، دون إبداء أسباب. غير أنها قالت، في تدوينة عبر فيسبوك، إن “الوضع الاجتماعي والاقتصادي وخاصة السياسي، يدفعني اليوم إلى الاستقالة، والتفرغ لهدف مصيري لتونس، وهو المساهمة في تجميع العائلة الوسطية التقدمية وتوحيدها، ووضع حد لتشتتها وانقسامها قبل فوات الأوان”. وهو الخيار الذي تبناه الحزب حين أعلن في بيانه أنه جرى الاتفاق على “تثمين الخطوات الجدية التي وصلت إليها الحركة في مشروع بناء ‘النداء التاريخي (تحالف)"”. وتابع أن ذلك يأتي “بعد التقدم الجدّي في الاتفاق الحاصل مع حركة مشروع تونس (ليبرالي)، ونجاح المسار التوحيدي من أجل التوجه المشترك في المحطات الانتخابية القادمة”. والأسبوع الماضي، انطلقت مشاورات بين حركتي مشروع تونس ونداء تونس من أجل التوحيد في إطار “النداء التاريخي”، استعدادا للانتخابات القادمة. ويتوقع مراقبون أن تنجح اللومي في مهمتها، خاصة وأنها من ضمن مؤسسي حزب نداء تونس في العام 2012. وتحملت مسؤولية أمين مال الحزب إلى جانب عضويتها في المكتب التنفيذي، وفي انتخابات العام 2014 ترشحت لعضوية البرلمان كرئيسة عن قائمة الحزب بدائرة نابل1، شمال شرقي البلاد، وفازت قائمتها بأربعة مقاعد. ولم تتخلّ عن مقعدها بالمجلس، إلا حين اختارت الإشراف على حقيبة السياحة عام 2015.وتراهن رئيسة الاتحاد التونسي للمرأة راضية الجربي في تصريح لـ”العرب” على أن اللومي ستنجح في مهامها، معتبرة أن التجربة التي راكمتها داخل الحكومات المتعاقبة بصراعاتها وهزاتها ستمنحها زادا كبيرا من الحكمة للنجاح في مهمتها. وتعتقد الجربي أن سلوى اللومي قادرة على تجميع عائلة النداء وأن بوسعها المساهمة في التخفيف من حالة التشتت بالساحة السياسية. لكن منجي الحرباوي، قيادي في الشق الموازي، قال في تصريح لـ”العرب” إنه من الصعب أن تنجح اللومي في مهمتها وتوحيد النداء لكونها “اختارت مجموعة انقلابية”، معتبرا أنها اختارت الموقع الخاطئ. وكانت اللومي لفتت إليها الانتباه بعد نجاحها في تنظيم أشغال الدورة الثلاثين للقمة العربية بتونس في مارس الماضي. وستترأس اللومي (62 عاما) وهي من الوجوه المعروفة في قطاع الأعمال بتونس، الحزب الذي انشق عن مؤتمر المنستير الانتخابي لحركة نداء تونس في أبريل الماضي إثر خلافات بشأن نتائج التصويت ورئاسة اللجنة المركزية للحزب. واختار هذا الجناح استكمال مؤتمره في مدينة الحمامات الذي أفضى إلى انتخاب سفيان طوبال رئيسا للجنة المركزية وعبدالعزيز القطي أمينا عاما للحزب. ويرأس حافظ قايد السبسي نجل الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي الجناح الآخر للحزب ويعرف بشق (جناح) المنستير. ويواجه الحزبان دعاوى قضائية للفصل في من يمتلك الأهلية القانونية لتمثيل الحزب في انتخابات هذا العام. وعرف حزب حركة نداء تونس عقب فوزه في انتخابات 2014 عدة انقسامات واستقالات أدت إلى خسارته الأغلبية في البرلمان وظهور كتل وأحزاب أخرى من رحمه.
مشاركة :