وقفنا فى الحلقة السابقة من حكاية ابن الملك وأصحابه عندما ذهب ابن التاجر ليتكسب من عقله كما قال ويعود إلى أصحابه.فذهب فلم يبرح إلا قليلًا حتى أبصر سفينة عظيمة فى البحر قد أرست إلى الشط غير بعيدة من المدينة فخرج إليها أناس ليبتاعوا ما فيها فساوموا أصحابها فوجدوا ثمنها غاليًا، ثم قال بعضهم لبعض: فلننصرف اليوم دون أن نبتاع منها شيئًا حتى تكسد البضاعة على أصحاب السفينة فيرخّصوا علينا. ففعلوا ذلك فخالف إليها ابن التاجر فاشترى منهم ما كان فيها بمائة ألف دينار، فلما بلغ التجار ما فعل أتوه فأربحوه مائة ألف دينار. فانتقدها وأحال بائعه عليهم ورجع إلى أصحابه، فلما مرّ بباب المدينة كتب عليه: «عقل يوم واحد ثمنه مائة ألف درهم» فتمتعوا بما أصابوا وأخصبوا».فلما أصبحوا فى اليوم الرابع قالوا لابن الملك: انطلق فاكتسب لنا شيئًا بالقضاء والقدر.فذهب حتى أتى باب المدينة فجلس على دكان من دكاكين باب المدينة فقضى أن ملكها هلك ولم يترك ولدا ولا أخا ولا ذوى قرابة، فمروا عليه بجنازة الملك فبصروا به لا يتحرك ولا يتحاشى ولا يحزن لموت الملك، فسأله البواب: من أنت؟ وما يقعدك على باب المدينة ولا يحزنك موت الملك؟ فلم يجبه فشتمه وطرده، فلما مضوا رجع إلى مكانه.ثم انصرفوا من دفن الملك فبصر به البواب وقال له بغضب: ألم أنهك عن هذا المجلس؟ وتقدم إليه فأخذه وحبسه. فلما اجتمعوا فى الغد ليملّكوا عليهم رجلًا يختارونه قام الذى كان ألقى الفتى بالحبس فحدثهم بقصته فقال: رأيت أمس غلاما جالسا على الباب ولم أره يحزن لحزننا وتلوح عليه لوائح العزة والشرف، كلمته فلم يجبنى فألقيته بالحبس وإنى أتخوف أن يكون عينًا علينا فابعثوا إليه.فأتوا به فسألوه من هو وما أمره وما الذى أقدمه أرضهم. قال: «أنا صهر ملك قروناد، توفى والدى فغلبنى أخى على الملك وأنا أكبر منه فهربت منه حذرًا على نفسى حتى انتهيت إليك».
مشاركة :