لم يترك الله سبحانه وتعالى أمراً من الأمور التي تتطلبها حياة الإنسان في دنياه وآخرته سواء كان ذلك في جانب العبادات أو المعاملات إلا وأنزله محكماً أو مفصلاً في كتابه الكريم ، وزاد من تفصيل المجمل منه سيدنا وحبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم، ولكل أمر منها تم تحديد حجم الثواب المقابل للحسنات وحجم العقاب المقابل للسيئات. ولعل من أبرز الخطايا المنتشر ارتكابها من قبل البشر هي ممارسة الغيبة بذكر أمور خاصة غير محببة في الشخص المذكور، أوالنميمة بنقل سر من الأسرار أو معلومة قد تضر بالغير أو ستشعل فتنة أو ضغينة بين أفراد أو مجموعات أو بهتان بذكر أمر لا يوجد في الطرف الآخر. ولعل المتتبع لحال مجتمعاتنا العربية في هذه المرحلة الزمنية تحديداً وحتى في المراحل المتقادمة عبر القرون السابقة يجد أن أغلب الحوارات الثنائية أو الجمعية التي تدور داخل أروقتها على مختلف المستويات الاجتماعية والثقافية لا تخلو من تتبع أحوال الآخرين (والحش فيها) إما بالهمز بالأفعال كالاشارة أو التعدي المباشر أو باللمز بالأقوال، وهذا ما نبه الله سبحانه وتعالى على عظم ذنب فاعله، حيث توعد الهمَّازين واللمَّازين بالويل والوبال وشدة العذاب والنبذ في الحطمة نار الله الموقدة التي يصل ألمها وعذابها إلى الأفئدة ولتستمر عليهم مؤصدة للمزيد من العذاب والإيلام يوم القيامة، ثم جاء الرسول صلى الله عليه وسلم ليؤكد ذلك من خلال الحديث الذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه حينما قال: «أتدرون ما الغيبة؟، قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: ذكرك أخاك بما يكره، قيل: أفرأيت إن كان في أخي ما أقول؟، قال: إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بهتَّه». ثم قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه عبدالله بن مسعود رضي الله عنه حين قال: «من اغتيب عنده مؤمن فنصره جزاه الله بها خيراً في الدنيا والآخرة، ومن اغتيب عنده مؤمن فلم ينصره جزاه الله بها في الدنيا والآخرة شراً وما التقم أحد لُقمةَ شراً من اغتياب مؤمن، إن قال فيه ما يعلم فقد اغتابه، وإن قال فيه بما لا يعلم فقد بهته». وبعد كل هذا الوارد في كتاب الله وسنة نبيه عن عظم ذنب ممارسة الغيبة والنميمة والبهتان، هل نجد من يمارسها أو يصمت على ممارسيها؟.
مشاركة :