ويل لكل همزة | د. هيثم الزبيدي |

  • 12/7/2023
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

كلنا نلحن ونحن نتكلم. نرفع وننصب ونجر الكلمات كما يحلو لنا. لا أحد يقف كثيرا عند ما يقوله سياسي أو مثقف أو مؤرخ شهير من على شاشة التلفزيون، عندما يبدأ جملته بجمع مذكر سالم منصوب أو مجرور. من الطبيعي جدا أن نسمع أول كلمة، أي المبتدأ، منصوبة. يقول السياسي أو المثقف أو المؤرخ مثلا “المصريين كذا وكذا”. ومع مسيرة الحديث، يلجأ الكثيرون إلى تسكين الكلام والابتعاد عن تحريكه بالضمة أو الفتحة أو الكسرة، لتفادي الإمعان بالخطأ اللفظي. ومن النادر أن يعلق أحدهم على هذه الأخطاء، بل إن الأغلبية لا تفرق بين “المصريون” و”المصريين”، كله جمع. لكن تسجيل الغضب من المكتوب صار شيئا مألوفا. فمع انتشار البوستات والتغريدات من على المنصات الاجتماعية، زادت التعليقات وكثرت الأخطاء. إلى الآن لا يقف البعض عند “المصريون” مرفوعة أو “المصريين” منصوبة أو مجرورة. لكن بعضا من السقطات في الكتابة تتكرر لأنها محيرة لكثيرين. التنوين مثلا في آخر الكلام يوقع بأخطاء مثلها مثل كتابة الحركة كحرف. أخطاء من فئة “العلمونورون” تتكرر كثيرا في البوستات والتغريدات. كلمة مثل “وحدة”، ممكن أن تلفظ “وحدة” من دون أيّ أثر لنطق التاء لو لفظت لوحدها، وتنطق “وحدت” إذا جاءت في صياغة مثل “وحدة الأمة”. لغير الممارسين، الخطأ وارد طالما النطق ينحو إلى التضليل. الأمة التركية مثلا، عندما نسخت الثقافة العربية من خلال اعتناقها الإسلام، احتارت في البداية بالأمر، ثم عمدت إلى توحيد النطق للتاء المربوطة بلفظها وكتابتها كتاء مفتوحة. يقولون “سعادت” وليس “سعادة”، “حكمت” وليس “حكمة”. الأمة الكردية شطبت التحريك من الكتابة واستبدلته، مثل أغلب لغات العالم، بحرف كامل. يكتبون “كوردستان” وليس “كردستان”. فقط لا تغلظ بلفظ الواو حين تنطق “كوردستان”، وسيمر الأمر. اللغة بالأصل نطق. الكتابة أتت لاحقا. الطفل يتحدث قبل أن يكتب. التواصل أساسه الكلام الناطق. لعل هذا ما يفسّر إلى حد بعيد لجوء كثيرين إلى إرسال رسائل مسجلة صوتيا على تطبيق واتساب بدلا من الكتابة. لا أحد يريد أن يوصف بأنه نصف أمي، لأنه لا يعرف كيف يكتب الكلمة وهي منونة. وويل لكل همزة تكتب في مكانها الخطأ: على الألف العصى، أم لوحدها على السطر أم فوق واو أم ياء. ربما نحن في حاجة إلى مسامحة أنفسنا والآخرين عندما يكون الأمر متعلقا بأخطاء في كلام عارض على منصات اجتماعية، بنفس الطريقة التي نتجاوز فيها ما نسمعه من على شاشات الفضائيات. عندما نكتب مقالا أو كتابا، يصير التدقيق والاستعانة بمدقق لغوي ضروريين. ShareWhatsAppTwitterFacebook

مشاركة :