حكايات مجهولة| ثمامة بن أشرس.. عاقل يجرى عليه حكم جاهل

  • 6/3/2019
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

رفض أبومعين ثمامة بن أشرس مطالب الخليفة المأمون بتوليه الوزارة بعد مقتل الوزير الفضل بن سهل، فكان المأمون لا يدعه إلا إذا اقترح عليه أحد الأشخاص الجديرين بتولى المنصب، فكان أبومعين من خاصة المأمون ونديمه، كما أنه كان وراء تحول الخليفة لمذهب الاعتزال ومناصرته لدرجة تعرض ما يخالفه للمخاطرة والملاحقة، ما يظهر مدى استمتاع «ثمامة» بمكانة كبيرة ظلت باقية حتى خلافة الواثق العباسى.كان أول اتصاله بقصور الخلفاء مع هارون الرشيد، حيث رمى بالزندقة، فحبسه الرشيد ثم عفا عنه، وأُعجب بعقله فاتخذه جليسا، وفى مجالس الرشيد كان له الكثير من الحكم البديعة والأقوال الطريفة، فتقول الرواية إن الرشيد سأل يومًا جلساءه عن أسوأ الناس حالًا، فقال كل واحد شيئًا، حتى جاء دور ثمامة فقال: أسوأ الناس حالًا عاقل يجرى عليه حكم جاهل، فلما تبين الغضب فى وجه الرشيد؛ لأنه ظن أنه يعنيه وكان قد حبسه، فقال: يا أمير المؤمنين، ما أحسبنى وقعتُ بحيث أردتَ، وإنما عنيت حادثة، وهى أن سلاما الأبرش «وكان سجانًا» وأنا فى السجن كان يقرأ فى المصحف{ويل يومئذٍ للمكذَبين} بفتح الذال، فقلت له: المكذَبون هم الرسل، والمكذِبون هم الكفار، فاقرأها: {ويل يومئذ للمكذِبين} بكسرها، فقال سلام: قيل لى من قبل إنك زنديق ولم أقبل، ثم ضيَّق عليَّ أشد الضيق. فجعل الرشيد يضحك.ووفق بحث الدكتور رشيد الخيون فى كتابه «معتزلة البصرة وبغداد» فإن ثمامة لقى استحسان الجاحظ الذى جعله من أئمة اللغة والبيان مع قدرة نفاذ لفظه إلى القلب والسمع معًا، واعتبره النديم من جلة المتكلمين المعتزلة وخاصة الخليفة المأمون، ورضى القاضى عبد الجبار عن تعلق ثمامة ببلاط الخلفاء وعمله بالطرافة والنكت والملاحة كى يتمكن من بث أفكاره وسهولة العون لم فى أمور الدين.وتنقل الروايات عن قوته فى الحجة أنه ناظر يحيى بن أكثم بين يدى المأمون فى خلق الأفعال، فقال ثمامة: ليست تخلو أفعال العباد من أمور تكون كلها لله ليس للعباد فيها صنع، أو أن يكون بعضها من العباد وبعضها من الله، فإن زعمت أن ليس للعباد فيها صنع كفرت، ونسبت إلى الله كل فعل قبيح، وإن زعمت أنها من الله ومن العباد كفرت، لأنك جعلت الخلق شركاء الله فى فعل الفواحش والكفر، وإن زعمت أنها للعباد ليس لله فيها صنع صرت إلى ما أقوله.وقد اختلفت الأقوال حول رحيل ثمامة، حتى قيل إنه ذهب للبيت الحرام حجيجا فأخذته جماعة من خزاعة وقتلته، بينما ينفى آخرون ذلك الخبر لضعفه وتناقضه.

مشاركة :