يقام في مثل هذه الأيام في المملكة المتحدة أسبوع كتاب الطفل؛ وهو تقليد بريطاني سنوي يقام منذ 80 عاماً تنظمه جمعية بوك ترست التي تحظى بتمويل حكومي ومن الناشرين لصناعة الولع بقراءة الكتب لدى الأطفال سواء الورقية أو الإليكترونية من خلال إقامة فعاليات متنوعة في المدارس والمكتبات العامة وتوزيع كتب الأطفال وكذلك من خلال الجوائز السبع المتخصصة في كتاب الطفل والتي تصل قيمة بعض تلك الجوائز إلى ما يعادل 180 ألف ريال.. ويقوم الأطفال بترشيح الكتاب الفائز، والأكثر من ذلك يتم تصنيف كتب الأطفال إلى أربعة مستويات بحسب الشريحة العمرية للأطفال من سن الصفر، وهو ما يساهم في صناعة وعي مختلف للمجتمع يتم تأسيسه منذ سنوات مبكرة تساهم في تنمية مهارات المجتمع وقدرته على التعلم والعمل مستقبلا. نشرت مصلحة الإحصاءت العامة والمعلومات الأسبوع الماضي نتائج مسح القوى العاملة خلال شهر ربيع الأول 1434ه، والتي تشير إلى أن عدد العاطلين عن العمل يصل إلى 629 ألف فرد، وهو ما يجعل الجميع يتساءل: كيف تستمر البطالة مع أن ميزانية الدولة في ازدياد والعديد من المشاريع الوطنية العملاقة يتم تدشينها سنويا وأخرى سترى النور قريباً كمركز الملك عبدالله المالي؟.. وهو ما يجلعنا نتساءل سؤالا أزليا عن دور مؤسسات التعليم العام والعالي في ظل استمرار البطالة مع استمرار الإنفاق الحكومي المرتفع على المشاريع؟ خفض البطالة لا يمكن أن يتم دون دور حقيقي ونوعي من مؤسسات التعليم العام والعالي من خلال إعادة هيكلة ثقافة التعليم وصناعة مجتمع قارئ يكون منذ سنوات مبكرة؛ لتتم صناعة وعي مختلف بالمخاطر المحيطة بالمجتمع ووعي بفرص العمل الحديثة حسب واقع الاقتصاد الوطني وتطورات الاقتصاد العالمي ليتم توجيه الأجيال للعمل والاستثمار عبر تطبيقات الهواتف الذكية وشبكات التواصل الاجتماعي والتي من المتوقع أن تصل قيمة مساهمتها في الاقتصاد العالمي إلى 40% من إجمالي الاقتصاد العالمي؛ ما يمكن الأجيال من تحقيق مداخيل مالية عالية، ويمكن ذلك من خلال تقديم التسهيلات المالية والقانونية الملائمة لإيجاد مناخ عمل عالمي للأجيال تخفف من عبء التوظيف قصير الأجل، كل ذلك وأكثر تستطيع مؤسسات التعليم العام والعالي أن تضع لبناته الأولى. لمؤسسات التعليم العالي دور حيوي في مكافحة البطالة وهو ما يتطلب بالضرورة من الجامعات الوطنية دورا جديدا وجذريا فاعلا، وليس المقصود الحصول على المزيد من التصنيفات العالمية المتقدمة التي تسهل لها المحافظة على السائد والمألوف في ممارساتها، بل مساعدة مخرجاتها في الحصول على فرص عمل واعدة تحقق لهم أثناء تواجدهم في مقاعد التعليم ممارسة التعلم حباً وشغفاً بالمستقبل الذي ينتظرهم، كما هو الحال لدى طلاب الجامعات في كوريا الجنوبية، والتي يصف بعض الأكاديميين الكوريين واقعهم بأن استثمار الطلاب في تعليمهم بات واضحاً لهم أنه أجدى من أن يضع الطلاب مواردهم المالية في المصارف، وهو ما انعكس بطبيعة الحال على التنمية الاقتصادية في كوريا الجنوبية، وحق علينا تقييم واقعنا بجرأة وشفافية أملاً في مستقبل واعد للأجيال التي من حقها علينا أن نرسم لها خارطة طريق لمستقبل مشرق ينعكس على واقع التنمية الوطنية ويبدد خوفهم من المستقبل وأملهم فيه الذي تسلبه البطالة.
مشاركة :