سأسأل الجميع هل تستحق الأم أو الأخت أو الابنة الطلاق وتشرد أبنائها أو تشردها نفسياً على أقل تقدير؟ وأليس تدميرها هو تدمير للمجتمع بأكمله وتنميته الذهنية والفكرية والجسدية والاقتصادية والأمنية؟ بحسب ما نشرت صحيفة عكاظ الاثنين الماضي عن ارتفاع معدلات الطلاق خلال أقل من عقدين من الزمن بأكثر من 100%، أي أننا محاصرون مجتمعياً بين نوعين من الأزمات الطاحنة، بين ارتفاع معدلات الزواجات غير الناجحة ومعدلات العنوسة والتي بحسب إحصاءات سابقة أنها سترتفع العام القادم لتصل إلى أربعة ملايين عانس مقارنة بمليون ونصف قبل أربع سنوات وهو ما يعني تعطل دور المرأة اجتماعياً كذلك إضافة إلى تعطلها الاقتصادي شبه الكامل فأي مصير ينتظر الأنثى؟ وأي مصير ينتظر المجتمع بعد ذلك؟ من السهل أن نختصر الحوار ونقول إن جذور الكارثة تنحصر في ضعف الوازع الديني كما يفضل البعض أن يقول، ومن السهل كذلك أن يقول البعض إن السبب هو تدخل أسرتي الزوجين، ولكن من الصعب أن نكون صادقين ونقول إن نظرة بعض الأزواج الدونية للأنثى ربما تلعب دورا، ومن الصعب كذلك أن نقول إن معدلات الأمراض النفسية المنتشرة في المجتمع والتي لم يتم حصرها ومعالجتها ربما لعبت دوراً كذلك في ارتفاع حالات الطلاق وبات البديل نظرات وتصورات سطحية متباينة بين السعوديين والسعوديات، فبعض السعوديين يرون أن الخلل في عقل الأنثى الاستهلاكي وضعف قدرتها على حل الأزمات - دون التفكير إن كان التصور صحيحاً في الأسباب التي أدت إلى ذلك -، وبعض السعوديات يرين أن الخلل في عقل السعودي العبثي غير الرومانسي، وتضيع الحياة الزوجية عند هذه الحدود من التفكير دون البحث في جذور الأزمة. السؤال الآن هل ارتفاع حالات الطلاق ناجم عن عدم وجود اختبارات تحليل شخصية ملزمة لكلا الزوجين قبل الزواج بحيث يتم إطلاع كل طرف على شخصية الآخر ليعي ما إذا كان الشريك ملائما من عدمه، أم أن الخلل في أساسه في تربية الزوج أو الزوجة ومن ثم ينعكس على الحياة الزوجية ؟ وهل يجب إعداد ما يشبه رخصا للزواج يتم بموجبها تأهيل الزوج والزوجة للزواج ليتم استيعاب احتياجات الآخر الحياتية والنفسية وكيفية التعامل مع الأزمات؟ اليوم علينا أن نعترف بأن ارتفاع حالات الطلاق هو جزء من مشاكل اجتماعية متنوعة ومترابطة، فالمجتمع يعاني من تفكك الأسر أي أنهم أجساد دون أرواح، وفقدت العديد من العوائل بريقها وربما تلك الحالات الحياتية تؤسس للعديد من الآثار الاجتماعية السلبية التي تتراكم مع السنين وتأخذ منحنيات سلوكية مختلفة لم يتم رصدها مبكراً. ارتفاع حالات الطلاق لا يجب النظر إليه كقضية اجتماعية بل يجب النظر إليه كهاجس أمني واقتصادي، فأمنياً عدم استقرار الحالات النفسية لأفراد المجتمع وعدم متابعة الأطفال منذ سنوات مبكرة الناجم عن انفصال الزوجين قد يجعلهم فريسة لجماعات الضلال والظلام، واقتصادياً تكلف مثل هذه الزواجات غير الناجحة مبالغ طائلة تصل إلى أكثر من 3 مليارات ريال في حال تم تقدير نفقات كل زواج غير ناجح بقيمة 100 ألف ريال فقط. الآن وبعد كل ذلك ليس أمامنا سوى سؤال وزارة الشؤون الاجتماعية عن دورها في التخفيف من آثار مثل هذه الكوارث التي يمكن أن تكون بعد عقد أو عقدين طوفاناً يغرق المجتمع في مزيد من الممارسات غير المتزنة الناجمة عن تجاهل مثل هذه المؤشرات في الحاضر والتي تستوجب خططَ معالجة عاجلة لواقع سيئ ينذر بعواصف صاعقة.
مشاركة :