تناولت في مقال الأسبوع الماضي عدداً من الملحوظات عن هموم الابتعاث والمبتعثين من وحي تساؤلاتهم، وهي وإن لم تغط جميع الجوانب، إلا أنني حرصت على عرض أهمها، لعلها تحظى بالتفاتة جادة من معالي وزير التعليم الدكتور حمد آل الشيخ الحريص على استفادة طلابنا المبتعثين من فرصة الدراسة والابتعاث، وعودتهم بأكبر فائدة ممكنة من تجربة الابتعاث.. وفيما يلي أعرض للتساؤلات الأخرى التي تراود طلاب الدراسات العليا خصوصا في أميركا: من التساؤلات الأخرى ما له علاقة بمكافأة الطالب، فليس من المعقول مساواة المدن الكبرى، مثل نيويورك ولوس أنجلوس وواشنطن وشيكاغو، مع بعض المدن الجامعية الصغيرة في المكافأة؛ نظرا لارتفاع تكلفة المعيشة بشكل مزعج، ووجود معظم الجامعات المتميزة في المدن الكبرى. لاحظت قلقاً من طلاب مبتعثي برنامج الملك عبدالله كيف سيستطيعون الإسهام والمشاركة في مسيرة التنمية بعد عودتهم، ويتساءلون: هل مؤسساتنا الحكومية وشركاتنا الصناعية والتجارية استعدت لاستقبال هذه الأعداد المؤهلة من شباب هذا الوطن؟ وأكثر ما يقلقهم هو أن يعود هؤلاء الشباب الذين يملؤهم الطموح والتطلع للمستقبل وخدمة الوطن، ويفاجأون بأن القطاعات الحكومية والخاصة غير قادرة على استيعاب بعض تخصصاتهم الدقيقة، فيعودون للقبول بوظائف عادية لا تتطلب مثل هذه التخصصات العلمية، وهنا تكون الخسارة مضاعفة. ليس فقط على هذا الشاب، الذي لم يستفد من سنواته الدراسية في العمل في مجال تخصصه، ولكن على برنامج الابتعاث، الذي خسر كثيرا من المال والوقت والمتابعة، والنتيجة أقل من الطموح. فما زلنا في حاجة إلى تصنيف للتخصصات العلمية وفقاً للبرامج التنموية ورؤية المملكة 2030 حتى تتحقق الفائدة العلمية والعملية من تخصصات هؤلاء الطلاب.. وإن كانت وزارة التعليم في الوقت الحاضر قد حددت التخصصات المطلوبة للابتعاث للملتحقين الجدد في البرنامج، التي تتوافق مع احتياجات رؤية المملكة 2030، إلا أن المقصود المبتعثون الحاليون ممن هم على أبواب التخرج. عدم التجاوب مع الاتصالات المتكررة من المبتعثين على الهواتف المحددة من الملحقية الثقافية، ولا حتى الرد على رسائل البريد الإلكتروني، هذا خلاف قلة عدد المشرفين؛ وكونهم من جنسيات مختلفة، ما خلق تباينا في التعامل بين مشرف وآخر. وطالب كثير من الطلاب المبتعثين بتشجيع توظيف السعوديين، سواء من الراغبين في الانتقال إلى أميركا، أو من بعض المقيمين من السعوديين، خاصة المرافقين الذين يوجد بينهم كثير من المؤهلين تأهيلا علمياً عالياً، ولديهم القدرة على القيام بوظيفة المشرف الدراسي. من ضمن الملحوظات المهمة ما يتعلق بتذاكر الطيران، التي تقدمها الملحقية للطلاب، فبعد أن فسخت وزارة التعليم العقد مع إحدى وكالات الطيران، سلمت مسؤولية التذاكر إلى الخطوط السعودية، وهو إجراء جيد ولا غبار عليه، خاصة أن الخطوط السعودية جهة حكومية، ولكن المشكلة تكمن في أن هذه التذاكر مغلقة على الخطوط السعودية فقط، فلا يمكن عمل أي شيء تجاهها، سواء ترقية الدرجة أو ما إليها، ويفترض أن تكون هناك مرونة للطالب، خاصة المتخرج في ترقية الدرجة، إذا رغب في ذلك على حسابه، فليس جميع الطلاب يستطيعون استخدام الناقل الرسمي (الخطوط السعودية)، فمن باب أولى أن تتاح لهم فرصة التغيير أو الترقية حتى لو كانت خطوطاً أخرى.. والحل الأمثل - من وجهة نظري - وتحقيقا لمبدأ الشفافية والوضوح التي سارت عليها منافسات الدولة خاصة بعد تدشين منصة اعتماد من وزارة المالية - أن تطرح تذاكر الطلاب المبتعثين في منافسة عامة بين وكالات السفر الوطنية، والذي يقدم مميزات أفضل من ناحية السعر ومصلحة الطلاب ترسو عليه؛ لأن الملاحظ أن الخطوط السعودية تصدر التذكرة بكامل السعرو وتقفلها دون وجه حقو ما يجعل الطالب لا يستطيع تعديلها خلاف ما كان يتم سابقا. وعلى أي حال ما ذكرته عن أميركا ينطبق أيضا على دول الابتعاث الأخرى سواء بريطانيا أو كندا أو غيرهما، ولكن أميركا تمثل النسبة الكبرى من الطلاب المبتعثين، فأبناؤنا المبتعثون يستحقون منا كثيرا، خاصة المتميزين منهم، فنحن مطالبون بتشجيعهم ومساعدتهم، ليس على اختيار الجامعات المتميزة فقط، وإنما تشجيعهم أيضاً على خوض تجربة التدريس في الجامعات التي يدرسون بها، إذا أتيحت لهم الفرصة حتى يتم صقل خبراتهم العلمية والأكاديمية، الذي بدوره سينعكس على أدائهم مستقبلا.. هذا والله ولي التوفيق. *نقلاً عن "الرياض"
مشاركة :