حاولت أن أكذب خبر وفاته وتمنيت أن يكون مجرد شائعة من الشائعات التي يذخر بها الواتساب عندما أبلغني صديق عزيز نبأ وفاته بالواتساب، لأن لطفي نصر لم يكن رجلا عاديا بل كان قامة سامقة لا يعرف الناس قدرها إلا بعد غيابها. تعودنا في مجتمعنا أن نحتفي بالقامات السامقة عندما يموتون ونكرمهم بعد أن يواريهم الثرى ونبكي عليهم بحرقة. اليوم أقولها بصراحة، كان جديرا بنا أن نكرم لطفي نصر حيا وهو في قمة عطائه في المجال الإعلامي وأن نهيئ له من سبل الحياة ما يغنيه عن تفاصيل الحياة اليومية التي كانت تشغل باله. كان ينبغي أن يساعده سائق يقوده إلى عرين نضاله وكفاحه في أخبار الخليج ويوصله إلى كل الفعاليات المحلية التي كان يحضرها بتواضع عندما توجه إليه الدعوة ويغطيها بصورة مبدعة لم تكن على بال المنظمين قط. على المستوى الشخصي كانت بيني وبينه مودة خاصة وعلاقة أخوية مميزة. كنت أحبه كثيرا وكان هو الآخر «يبادلني الحب. كنت أعتبره مرشدا» لكل الإعلاميين بإنسانيته وتواضعه الجم وحبه للخير وانحيازه للضعفاء والمساكين وذوي الحاجات والفاقات ودعمه غير المحدود - بلا تكبر أو أستاذية - لكل الذين عملوا في القطاع الإعلامي والصحفي من الناشئين والناشئات وتشجيعه لهم وتسخير إمكانيات «أخبار الخليج» لهم التي أصبحت الصحيفة الأبرز والأقرب للناس من خلال جهود لطفي نصر وزملائه لأنه كان على مسافة قريبة من المجتمع بكل فعالياته وأخباره. عندما وقع خلاف بيني وبين أحد رجال الأعمال المرموقين الذي كنت أعمل لديه مستشارا للإعلام والعلاقات العامة وانفصمت العلاقة بيننا، تدخل لطفي نصر بحكم علاقته الوطيدة جدا برجل الأعمال وعلاقته الأخوية الخاصة معي. تدخلاته الإنسانية وإشادته بجهودي وإمكانياتي لدى تلك الشخصية حالت دون أن تنقطع العلاقة إلى الأبد وحافظ كلانا على شعرة معاوية في علاقتنا حتى الآن. كانت إشادته وتشجيعه بلسما للمعاناة التي عانيتها في تلك الأيام وكان يهتم بصفة شخصية بكل الأخبار التي أرسلها له من طرفي ويتصل بي في اليوم الآخر ليتأكد من أنني سعيد بذلك. لطفي نصر، أحبه الكل صغارا وكبارا، مسؤولين وعامة الناس وشهد له الناس بحب الخير وأهل الخير وبما أننا نحن المسلمين شاهدو الله في الأرض، فإنني أسأل الله أن يقبل شهادتنا فيه بأنه كان مؤمنا ونصيرا للضعفاء خدم البحرين وأهل البحرين بصدق وبكل تفان ونكران للذات، واختار أن يواريه الثرى في أرض البحرين.. هذه المملكة الطيبة التي استوعبت الكفاءات المتنوعة من أبناء أمتنا العربية من أمثال لطفي نصر من دون تمييز والذين وجدوا في البحرين واحة للإبداع والعيش الكريم والمعاملة الطيبة على المستويين الرسمي والشعبي. لذلك لم يكن غريبا أن ينعى لطفي نصر سمو رئيس الوزراء الأمير خليفة بن سلمان في الصفحة الأولى من «أخبار الخليج» ولا أن يعزي أهله وعائلته و«أخبار الخليج» سمو ولي العهد الأمير سلمان بن حمد حفظهما الله جميعا، وكما قيل قديما لا يعرف الفضل لأهل الفضل إلا ذووه. سأظل افتقدك يا أبا وائل، أخا كبيرا ومرشدا، وستظل ذكراك وابتسامتك وتعليقاتك الخفيفة والمختصرة ترن في أذني ما حييت. أخبار الخليج التي أطالعها كل يوم ضمن عاداتي اليومية ستبقي ذكراك حية في أذهان الجميع تذكرنا بأن ندعو إليك في ظهر الغيب أن يتغمدك الله برحمته الواسعة وأن يجعل مثواك الجنة وأن يشفع فيك كل تلك الجموع التي صلت عليك في يوم جمعة مبارك من رمضان.
مشاركة :