الحديث أو الكلام يطول عن الأستاذ الراحل الكبير (لطفي نصر) منذ أن عرفته من خلال عملي في غرفة تجارة وصناعة البحرين عام 1975 وقد تواصل معي بكل روح الأمانة الصحفية والمهنية التي كان يعتز بها كلما التقيته ليقول لي بالحرف الواحد: أنت من عرفني على القطاعات التجارية وكبار المسؤولين من تجار واقتصاديين، لكني كنت أرد عليه بالقول أنت علامة في الصحافة ونحن تواقون إلى الاستفادة منك. لقد لمست فيه المصداقية والتعاون، كان رجلاً بعيدًا عن التكبر والتعالي، كانت له نظرة واحدة ثاقبة، كما كان محبا لإنسان هذا الوطن. كان يبذل قصارى جهده حتى يوافي الجريدة بكل جديد وحصري. كان متعاونا مع كبار التجار وصغارهم على حد سواء كان يقول عن هذه المؤسسة إذا أردت أن تجني الثمار عليك بالأرض الطيبة، فكانت الغرفة أرضا طيبة قال فيها لقد أعطتني حب هذا الوطن والصحافة وجريدة «أخبار الخليج»، بجانب مساعدتك لي في هذا الشأن علما أن الأستاذ لطفي، كان علمه وقلمه نابعين من قلبه، ويتميز المغفور له بإذن الله (لطفي نصر) بالتغطية التي يقوم بها كلما زار مجالس رمضان بصحبة رئيس التحرير الأستاذ أنور عبدالرحمن، يأتيك بكل ما يدور من أحاديث اجتماعية في قالب صحفي راق، ولعل من يلتقي بهذا الإنسان يجد في حديثه وقلمه أمرين متكاملين لا يحيدان قيد أنملة، مما مكنه من أن يدخل إلى قلوب الجميع من دون استئذان، ولا سيما فيما يتعلق بالشأن الصحفي على المستويين الاجتماعي والاقتصادي لقد تابعت كل ما كتب عن هذا الإنسان الذي أعطى عمره كله للبحرين متمثلة في صحيفة (أخبار الخليج) وقد أتاح له الأستاذ أنور عبدالرحمن رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير كل مقومات إبداء الرأي والرأي الآخر، وفي مقاله الأخير بعنوان (أوجاع الصحافة) وأنا من المتابعين لكل ما يكتب إضافة إلى اتصالي المستمر معه، بعبارة أولها دائمًا ليتنا نتعلم منك، وبكل تواضع رده الجميل والراقي: لا لا أنت أستاذ. وعودة إلى مقاله الأخير الصـادر بتاريخ يوم الخميس 25 رمضـان 1440هـ الموافق 30 مايو 2019 يقول: (هذه مجرد أمثلة سريعة لأوجاع كثيرة يتعرض لها الصحفي والذنب ليس ذنب الآخرين ولكن الذنب هو ذنبنا نحن الصحفيين، فقد أبلغونا وحذرونا منذ أول يوم جلسنا فيه على مقاعد دراسة الصحافة بجامعة القاهرة قائلين لنا إن الصحافة هي مهنة المتاعب فهل تقبلون؟ أجبنا جميعًا وكنا (40) طالبًا وعملنا جدعان وقلنا في نفس واحد نعم نقبل وأضاف المتحدث إلينا الأستاذ إبراهيم إمام رحمه الله أستاذ الصحافة آنذاك في حديث لن ننساه ما حيينا، ليزيد أوجاعنا مضيفًا، لعلكم جميعًا تدركون أن مهنة الصحافة هي تمامًا مثل مهنة الفن والفنانين، إنها لا تقود إلى الثراء مهما عملتم واجتهدتم أو (موتم أنفسكم في العمل) كما أعتقد أن من بينكم من يعلم أيضًا أن معظم الممثلين والممثلات قد ماتوا فقراء ومعوزين). وللمقال مقدمة أنصح الجميع بأن يعود إليها ليعلم ما كان يجيش بقلب هذا الرجل، ونظرًا إلى ما يمتلكه هذا الرجل من حب الناس وحبه لهم قال (وزير الخارجية) في نعيه له (رحم الله الأستاذ الفاضل والصحفي الأمين لطفي نصر الذي أحب البحرين واقتسم حياته مع أهلها الذين أحبوه»، كما قالت عنه السيدة فوزية زينل رئيسة مجلس النواب، لقد ترك الأثر الإيجابي والبصمات الرفيعة وخلد الذكرى العطرة وأسهم في تقدم صحيفة «أخبار الخليج» والصحافة البحرينية عمومًا كذلك نعاه المهندس باسم الحمر وزير الإسكان بقوله: (إن الصحفي لطفي نصر كان صحفيا محنكا التزم طوال حياته بالمهنة وأخلص في عمله، وكان أمينا على الكلمة، وحريصًا على المتابعة والاجتماع بالشأن الوطني والتعبير عن آراء المواطن) ومسك الختام لا أنسى له كلمته في كتابي «حصاد سنين» حيث كتب تحت عنوان (كان محيي الدين عونا لـ«أخبار الخليج» في بدايتها) عرفته مع بدايات النصف الثاني من السبعينيات بعد وصولي إلى البحرين بفترة قصيرة بمعنى آخر عرفت الأخ والصديق والأستاذ محيي الدين بهلول في مرحلة الإعداد والتجهيز لإصدار جريدة (أخبار الخليج) فكان أطال الله في عمره من المعينين لنا في المشروع الطموح بل كان لا يخفي فرحته وسعادته لهذا المشروع فرأيته من المتحمسين له بدرجة كبيره، ويستطرد الأستاذ لطفي قائلاً: ونظرًا إلى أنه يشغل منصب نائب المدير وكان في موقع يمكنه مساعدتي في مهمتي جدًا، حيث إنني مكلف من إدارة «أخبار الخليج» بتغطية نشاط الغرفة فكان خير عون لي في مهمتي فعلاً كانت كلمته في كتابي نبعًا من أخلاقه وقلمه المعبر، ومنه بدأت أكتب في أخبار الخليج، وما زلت حتى اليوم وقبل رحيله بصورة منتظمة متواصلاً معه. لقد خسرنا إنسانًا وصحفيا بمعنى الكلمة، ولي في هذا الشأن مقترح أحيله إلى الأخ الأستاذ أنور عبدالرحمن بصفته رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير لجريدة «أخبار الخليج» الواسعة الانتشار، وهو أن أمثال هؤلاء الرجال لا بد أن يكرموا وأعني محمود المردى ولطفي نصر بإقامة صرح لكل منهما في مبنى «أخبار الخليج» فهما قيمة وقامة وعطاء ما بعده عطاء.
مشاركة :