بدأت الحياة تعود الى طبيعتها اليوم الأربعاء ببطء في الخرطوم، حيث لا يزال تواجد القوات الامنية كثيفاً غداة اعلان الحركة الاحتجاجية انهاء العصيان المدني الذي أطلقته لإبقاء الضغط على المجلس العسكري الانتقالي الحاكم. وبعد ثلاثة أيام من شلل شبه تام في العاصمة، أعلن ممثل عن الوساطة الاثيوبية مساء أمس الثلاثاء أن المجلس العسكري وحركة الاحتجاج التي تطالب بنقل السلطة الى المدنيين، وافقا على العودة قريباً الى طاولة المفاوضات. وأطلقت حملة العصيان المدني يوم الأحد الماضي، على رغم القمع الذي بدأ مع فض اعتصام المحتجين أمام مقر قيادة القوات المسلحة السودانية في 3 حزيران (يونيو) الجاري. وصباح اليوم الأربعاء، جاب مراسل وكالة "فرانس برس" أحياء في العاصمة السودانية ولاحظ أن حافلات كانت تنتظر الركاب عند محطات توقفها المعتادة وكذلك فتحت بعض المتاجر أبوابها. لكن سوق الذهب الرئيسي في العاصمة بقي مغلقاً، فيما يبدو أن بعض السكان فضلوا البقاء في منازلهم بسبب الانتشار الكثيف لقوات الأمن في مختلف أحياء المدينة. وقالت الموظفة في شركة خاصة سمر بشير: "ألازم منزلي لأنني قلقة من وجود القوات الأمنية في الشوارع وهي مسلحة". وقال عدة سكان إنهم فضلوا البقاء في منازلهم لأن الانترنت لم تعد للعمل بالكامل في العاصمة بعد انقطاع شبه كامل مساء يوم الاثنين، ما يجعل العمل في المكاتب أكثر تعقيداً. ومددت بعض الشركات الخاصة عطلة عيد الفطر حتى نهاية الاسبوع. وكانت قوى اعلان الحرية والتغيير أعلنت في بيان أنها قررت تعليق العصيان المدني اعتبارا من مساء أمس الثلثاء "على أن يعود شعبنا إلى العمل اعتباراً من صباح الأربعاء". إلى ذلك، دان مجلس الأمن الدولي مساء أمس الثلثاء بشدة أحداث العنف الأخيرة في السودان، موجهاً الدعوة الى المجلس العسكري الحاكم وقادة حركة الاحتجاج للعمل معاً من أجل إيجاد حل للأزمة. وفي بيان صدر بالإجماع، طالب المجلس بوقف العنف بشكل فوري ضد المدنيين، مشدداً على أهمية الحفاظ على حقوق الانسان. ويأتي هذا النداء من القوى الكبرى في العالم بعد أسبوع على منع روسيا والصين لمسودة بيان مشابهة حول الأزمة السودانية. وطالب مجلس الأمن جميع الأطراف "الاستمرار بالعمل معاً من أجل ايجاد حل توافقي للأزمة الحالية"، معرباً عن دعمه للجهود الدبلوماسية التي تقودها أفريقيا. ويقول دبلوماسيون إن المسودة التي وضعتها البحرين وألمانيا جوبهت بمعارضة من الصين وروسيا اللتين رفضتا إصدار ادانة، لكن في النهاية تمت الموافقة على لهجة البيان القوية. وسيصل مساعد وزير الخارجية الاميركية لشؤون افريقيا تيبور ناجي الى الخرطوم هذا الأسبوع بهدف اجراء محادثات حول الأزمة. وسيبحث مجلس الأمن يوم الجمعة املقبل الأزمة السودانية خلال اجتماع يتم التركيز فيه على مهمة حفظ السلام المشتركة بين الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي "يوناميد" في دارفور. إلى ذلك، رحبت دولة الامارات العربية المتحدة اليوم الأربعاء بـ"الانفراج" في السودان، بعد قبول قادة حركة الاحتجاج انهاء العصيان المدني واستئناف المباحثات مع المجلس العسكري الحاكم. وكتب وزير الدولة الاماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش في تغريدة على موقع "تويتر": "الانفراج الحالي في السودان يدعو للتفاؤل وندعو أن يؤسس لإتفاق يقود المرحلة الانتقالية عبر شراكة حقيقية وثابتة". وأضاف: "لا يسعنا إلا أن ننظر بكل تقدير إلى جهود رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد لتجسير وجهات النظر تجاه الحل السياسي". وكان قرقاش أعلن في تغريدة أمس الثلثاء أن أبوظبي تتواصل مع كافة الأطراف في السودان، للمساهمة في دعم "الإنتقال السلمي".
مشاركة :