بيروت:رنه جونيمريم عاصي، شابة من جنوب لبنان، في العشرين من عمرها، آلمها مشهد النفايات في الطرقات، فقرّرت أن تحوّل قوارير الزجاج لمشغولات فنية تضيء جزءاً من حل أزمة ما زالت عالقة في لبنان. حولت عاصي القناني إلى مصابيح وشمعدانات وزهريات والعديد من الأفكار التي طرحتها في معرض بحثها عن تقديم حلول لأزمة مستعصية.في مشغلها الصغير في بلدة أنصار الجنوبية، تمضي مريم ساعات في قص الزجاج وتحويله تحفاً فنية تناسب ديكورات المنازل، في عمل تصفه «بالصعب الحلو» لافتة إلى أن قيمة ما تقوم به أنها تأتي بالقوارير التي يرمي بها الأهالي في الطرقات.بإمكانيات بسيطة استطاعت عاصي أن تنجز تصاميم منوعة لمصابيح، وشمعدانات، وعلَّاقات للأبواب، جمعت بين الزجاج والخشب والفلين، تجمعها من المواد المفرزة التي يرمى بها على الطرقات، وشاركت في العديد من معارض الإبداع الحر، من بينها معرض الأعمال الفنية المدورة.في عام 2016، أبصر مشروع عاصي النور وحمل اسم «مرازال» الذي يعني «الأزل والثبات»، ومن خلاله أرادت أن تحدث «صدمة» في مجتمع يعوم على «النفايات»، وحركت مخيلتها، وأفكارها وأدواتها البسيطة لخدمة «فنها الآتي من إعادة التدوير» تقص القوارير الزجاجية وفق الهندسة التي تريدها وتضفي عليها لمستها السحرية مستخدمة بقايا الإكسسوارات وفضلات الأخشاب ليكتمل فنها البسيط والمميز، واستطاعت أن تقدم نموذجاً لمشروع تدوير النفايات بأسلوب فني متجانس بحيث أعطت كل قارورة هوية فنية تصلح لتكون جزءاً من ديكورات المنازل والحدائق.تشير عاصي إلى أن فكرتها ولدت من أزمة النفايات، وأنها قررت استثمار علمها بخدمة فنها الصديق للبيئة، ولا تنكر أن المسألة «صعبة» لكنها أدركت أن «الإصرار نجاح». وهكذا بعدّة بسيطة استطاعت أن تنجز الكثير وتقول: ما أحتاجه في عملي هو «الصبر والحنكة والدقة، ثلاثي أعطاني القدرة على صناعة الكثير من الأعمال التي تتغير حسب شكل القارورة والفكرة والتي بدأت تحظى بانتباه الناس».لم يكن سهلاً أن تنخرط عاصي في عالم جمع العبوات من القرى، والإتيان بها إلى مشغلها. كذلك لم يكن سهلاً قص العبوات وتغيير أشكالها لتليق بأفكار صديقة للبيئة بعيدة عن التلوث الذي أصاب الطبيعة هذه الأيام، يزيدها إبداعاً، عنادها الفني وحماسها لتقديم أفكار رائدة مهد لها الطريق لإنجاز وتحقيق أولى خطوات التغيير داخل المجتمع. فهل يدعم المسؤولون والجهات المعنية مثل هذه المبادرات؟ أم تبقى اجتهادات فردية تصارع المجتمع بمفردها؟.
مشاركة :