أسواق السندات غير مقتنعة بفاعلية أدوات "الاحتياطي الفيدرالي"

  • 6/18/2019
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

وميض الأضواء لا ينطفئ أبدا في أسواق الأسهم، ولا سيما الضوء الذي يشعله الأمل في تخفيف السياسة النقدية للبنك المركزي. بغض النظر عن المخاطر الحالية الصعبة بين الولايات المتحدة والصين فيما يتعلق بالتجارة والتكنولوجيا، مؤشر أسهم مورجان ستانلي لكل البلدان MSCI All-World ما زال قريبا من ذروته هذا العام. حكاية انتعاش النمو العالمي وتوقعات أن يبرم ترمب صفقة تجارية "جميلة" تلاشت خلال أيار (مايو) الماضي، لكن التراجع الكبير في عائدات السندات الحكومية وفر الأمان لأداء واسع من جانب الأسهم. يمكن للمرء أن ينظر إلى الأسهم وعوائد السندات ويستنتج أن أحدهما خاطئ للغاية. أو ربما يرى أن الأسهم متفائلة غالبا، في حين أن السندات الحكومية متشائمة بشكل مفرط بشأن مسار المفاوضات التجارية بين الصين والولايات المتحدة وكذلك المسار المستقبلي للاقتصاد العالمي. لدى المستثمرين أشياء كثيرة تستلزم التفكير بعد تحذير "برودكوم" Broadcom الأسبوع الماضي من تراجع الطلب على أشباه الموصلات، ما يسلط الضوء على الأضرار الناجمة عن الحرب التجارية. على أقل تقدير سيدخل المستثمرون في النصف الثاني من العام مع كثير من الحوافز، من خلال تباطؤ عوائد السندات طويلة الأجل، ودعم النظام المالي وتوفير سبب معقول لبعض التفاؤل في سوق الأسهم. هذه الخلفية تشكل أيضا المسار المحتمل لاجتماع مجلس الاحتياطي الفيدرالي هذا الأسبوع. نظرا إلى عدم وجود أي رد فعل كبير في الأسابيع الأخيرة من جانب مسؤولي مجلس الاحتياطي الفيدرالي للحد من عوائد سندات الخزانة، بقيادة السندات لمدة عامين الحساسة سياسيا، التي تراجعت كثيرا إلى مادون سعر الفائدة لليلة الواحدة المقدم من البنك المركزي، يبدو أن الانحياز نحو تخفيف السياسة النقدية بات أمر مرجحا. وهذا سيبقي الضوء متوهجا في سوق الأسهم والائتمان ذو العوائد العالية. رسم الملامح العامة حتى لانحياز غامض نحو التسهيل قبل الاجتماع الذي سيعقد في أواخر تموز (يوليو) سيمنح بعض الوقت للاحتياطي الفيدرالي قبل تأكيد دعوة سوق السندات وحجم ميزانيته العمومية. سيكون هناك تقرير توظيف آخر في أوائل تموز (يوليو)، من المتوقع أن يؤكد القراءة الضعيفة لشهر أيار (مايو) أو يصور النتيجة المخيبة للآمال في الأسبوع الماضي على أنها حالة استثنائية. إظهار إشارة حمائمية من مجلس الاحتياطي الفيدرالي سيساعد على الحد من التداعيات السلبية على السوق الناشئة عن الاجتماع العاصف لمجموعة العشرين الذي لم يتحقق فيه تقدم كبير بين الولايات المتحدة والصين. في ظل هذا السيناريو، تتوقع الأسهم والائتمان تخفيض سعر الفائدة في تموز (يوليو)، وبالتالي تحويل الأخبار السيئة من مجموعة العشرين إلى الارتداد المعتاد على المدى القصير بسبب الرغبة في المخاطرة. في ظل هذه الظروف، يتوقع حدوث ضجة في السوق لانخفاض بمقدار 50 نقطة أساس يوفر جرعة كبيرة من التأمين. بعيدا عن السيناريوهات الحالية المتضاربة لاحتياطي فيدرالي أكثر صبرا، أو احتياطي فيدرالي يخفض ببطء أو ربما ببعض السرعة، هناك جانب مثير للقلق أكثر من تراجع عائدات السندات يستحق أن ينظر فيه. عادة يؤدي خطر تخفيف السياسة النقدية للبنك المركزي إلى رفع توقعات التضخم على المدى الطويل. عوضا عن ذلك، انخفاض توقعات التضخم يجعل كلا من الولايات المتحدة ومنطقة اليورو أنموذجا، وبالتالي يسلط الضوء على كيف أن البنوك المركزية الكبيرة تتعرض للتحدي من سوق السندات بخصوص فعالية أدواتها. منذ أواخر نيسان (أبريل) ووتيرة الانخفاض في التدابير المستقبلية الخاصة بتوقعات التضخم في الولايات المتحدة ومنطقة اليورو تتسارع، مع تراجع منطقة اليورو إلى مستوى قياسي منخفض هذا الأسبوع. كما صحب ذلك انخفاض أسعار النفط الخام والمعادن الصناعية الرئيسة. وأي شخص يعتقد أن أسواق السندات مخطئة بشدة بشأن احتمال انخفاض العوائد لفترة طويلة يجب أن يسأل عما سيؤدي إلى زيادة توقعات التضخم. سياسات البنك المركزي المتشددة على مدى العقد الماضي حققت انتعاشا متواضعا، على خلفية انخفاض عائدات السندات الذي يرفع أسعار الأصول وأسواق العقارات العالمية، ولا سيما أن الجهود التي بذلها بنك الاحتياطي الفيدرالي لتطبيع السياسة – سياسة مصحوبة بارتفاع الدولار - سرعان ما تسببت في تباطؤ الاقتصاد العالمي، وهو اتجاه بالكاد ساعده استخدام الولايات المتحدة التعرفات الجمركية سلاحا ضد الصين. هذا يوضح أن النظام المالي العالمي، الذي يتميز بارتفاع مستويات الدين، مكشوف أمام حتى تشديد متواضع في تكاليف التمويل و/أو وجود دولار أقوى. ما يكسر هذا الاعتماد هو النمو القوي والتضخم المتسارع الذي يساعد على تخفيف أعباء الديون، لكن هذا المزيج لا يزال بعيد المنال. وما يبعث على القلق هو أن تباطؤ وتيرة الاقتصاد الأمريكي، بعد تلقيه جرعة مالية في العام الماضي، يوضح كيف أن النمو لم يستمر في المستويات العليا. لا عجب أن ترمب يريد من الاحتياطي الفيدرالي أسعار فائدة أقل ودولار أضعف. كذلك هو الحال بالنسبة لـ"وول ستريت" ومستثمري الأسهم العالميين، الذين يأملون أن ييسر الاحتياطي الفيدرالي التأمين، الأمر الذي حافظ على استمرار العرض الاقتصاد ـ مثلما حدث عامي 1995 و1998 ـ وذلك بفضل الإنتاجية القوية. اليوم تتعرض هوامش أرباح الشركات العالمية للضغوط، وكثيرون يعتمدون على ما إذا كانت عوائد السندات المنخفضة ستقدم دفعة للنمو والأرباح في النصف الثاني. الأصول الخطرة مثل الأسهم والسندات يمكن أن تتحمل مسيرة ضعيفة في الاقتصاد، وهي مسيرة يوقفها تسهيل السياسة الوقائي. عملية الهبوط الصعب تستغرق بطبيعتها وقتا من أجل أن تتحقق والأمر ذاته ينطبق على تخفيض وميض الضوء.

مشاركة :