ترصد المملكة سنويًا بلايين الريالات لتحسين البنية التحتية وتطويرها بما يجعلها مواكبة ومستجيبة للنمو العمراني، ومشروعات مدينة جدة دليل مادي على تحسن وتطوير أداء البنية التحتية، ومنها نظام الصرف الصحي مقارنة بما سبق ولكن لا تزال جدة تشهد تجاوزات مزعجة ومكلفة صحيًّا، من ذلك وجود شاحنات مهلهلة تنقل مخلّفات الصرف الصحي عبر شوارع المدينة، وهي من البؤس بحيث لا تنطبق عليها أبجديات النقل السليم، وليس بها ما يُبيّن أنها تنقل مواد «مضرة بالصحة العامة»، مما قد يسمح لها بنقل ماء الشرب!!، ومن المفارقات أن السائق يتصرَّف بما يُؤكِّد أنه لا يعلم أبجديات القيادة مثلما لا يعلم أين يفرغ محتويات شاحنته، ولهذا يُفاجأ سكان الأحياء بروائح كريهة تفوح من قلب الحي، فضلًا عن الأماكن المخصصة. الجنسية التي تخصَّصت في هذا النشاط يغلب على ممارساتها الابتعاد عن الأنظمة وإجراءات الأمن والسلامة، يُجسِّد صحة هذا الاستنتاج ليس العمر الافتراضي للشاحنة وتجاوزه ثلاثة عقود، ولكن رفض شركات التأمين اعتماد الشاحنة، ومن المدهش أن السائق يُفضِّل الجمعة كأحسن يوم لتفعيل نشاطه لتوزيع الروائح الكريهة على السكان بالقسطاس والعدل بالإضافة للإفراج عن الناموس والذباب، ليستمتع بإزعاج السكان في إجازتهم الأسبوعية، وأيًّا كان الأمر، فإن العشوائية تساعد على هدم الخطط التنموية، مما يستدعي معالجة هذا الأمر، لأن انتشار حمى الضنك ووجود حميات -ما أنزل الله بها من سلطان- بمدينة جدة يعود لهذه الشاحنات مما يُكلِّف القطاع الصحي الكثير. ومع ذلك، لن أُحمِّل كل المسؤولية للسائق، ولكني أتساءل عن تفعيل أنظمة حماية الفرد وحماية الإنفاق العام والصحة العامة، ونتطلع لدور البلديات الرقابي ولتقنين أوضاع مَن يعملون في المجال بإلزام المنشأة بتدريب عمالتها وإرشادها على كيفية وأماكن إفراغ الصرف الصحي، وللتقنية حلول سحرية مدهشة، إذ يمكن لأمانة جدة إلزام هذه الشاحنات بتركيب نظام تحديد المواقع ومتابعتها مركزيًا، حتى إفراغ الحمولة، فهذه الخطوة كافية بمنع السائق من أن يكون مصدر أذى للسكان وللبيئة كيفما شاء، وحيثما شاء، ولست أرى أفضل من إنشاء شركة تسهم في تجويد الأداء وتحسين بيئة جدة، وتُوفِّر فرصًا وظيفية للمواطن.
مشاركة :