بسبب انتشار أمراض الكلى صار الغسيل الكلوى ظاهرة شائعة في مجتمعنا وتستدعي ثلاث جلسات أسبوعياً لغسل السموم من دم المريض وقد ارتفعت تكلفة الجلسة الأسبوعية في بعض المستشفيات لألف ريال بخلاف التحاليل ذات الصلة ما يعني أن التكلفة السنوية تناهز 156 ألف ريال باعتبار أن بالسنة 72 أسبوعاً ،في المقابل يحدد مجلس الضمان الصحي سقف التأمين في حدود مائة ألف ريال وهذا المبلغ قد يكون كافياً عندما تم وضع النظام ولكنه في ظل ارتفاع تكاليف التشغيل لم يعد يغطي التكلفة الحقيقة لعلاج المريض. وباعتباري مسئولاً في شركات بها عدد من العاملين أتواصل مع شركات التأمين التي توفر خدماتها لشركاتنا ، وتوفرت لي معلومات عن وجهة نظر شركات التأمين من حيث أنها تقيم التكلفة على أساس البوليصة الكلية وليس لكل حالة بعينها وفي الغالب الأعم لا تجد شركة التأمين أفراداً بين المؤمَّن عليهم مصابين بالفشل الكلوي وعندما تقيِّم التكلفة الحقيقية لا تستطيع رفعها إلا في حدود سقف النظام أي مائة ألف ريال ،ولهذا تطول المفاوضات مع شركات التأمين ويكون الرد أنها لن تعالج شخصاً يكلفها بأكثر من العائد عليها ،وحيث أن هناك حالات من مرضى الفشل الكلوى في الشركات وفي المجتمع عموماً فإن السؤال الذي يطرح نفسه هل ننتظر انقضاء آجالهم سواء كنا شركات أو مجتمعاً أم الأفضل أن نكون أكثر وفاء وإنسانية تجاه المريض ونوفر بدائل علاجية وصحية ؟ ،والسؤال لماذا يسد نظام مجلس الضمان الأفق أمام شركات التأمين ويجعلها عاجزة عن رعاية حالات تكلفها أعلى من السقف الذي حدده لها المجلس ؟ يضاف من واقع خبرتي في السوق أنه في كل حال وبغض النظر عن حالات الفشل الكلوي فإن تكاليف التشغيل ترتفع بوتيرة تصاعدية مما نحتاج معه لتحديث أنظمة التأمين من وقت لآخر لتواكب تكلفة التشغيل الحقيقية فضلاً أن الإصابة بالأمراض في تزايد ومعدلاتها في ارتفاع ليس بالنسبة لحالات غسيل الكلى فحسب بل لأمراض القلب والسرطان وغيرها من الأمراض المزمنة التي يكون الإنسان عرضة لها في كل حين وفي مراحل العمر المختلفة، واستدراك بأن هناك خيِّرين في هذه البلاد الطيبة ساهموا في تخفيف المشكلة بإنشاء مراكز مجانية لمرضى الغسيل الكلوي مثلما أن هناك متطوعين وداعمين من القطاع الخاص وخارجه لجمعيات مرضى القلب والسرطان وغيرها من الأمراض المستعصية، ولكن في ظل انتشار هذه الأمراض بمعدلاتها الحالية فإن الحاجة تستدعي الحد من البيروقراطية بتحديث أنظمة الضمان الصحي لكي تكون أكثر رشاقة ومواكبة للسوق ولكي تساير التكلفة التشغيلية ،ولاشك أن شركات التأمين ظلت تلح على تعديل الأنظمة ولكن لسبب ما حالت البيروقراطية دون نجاحها مما يستلزم تبيين المبررات إن كانت ثمة مبررات مقنعة.
مشاركة :