يكاد الهاتف النقال يُصبح الجزء الرئيس من حراك الأعمال التجارية والصفقات ناهيك عن الحديث الاجتماعي. وقال أحد الأطباء إن العمل المتواصل عبر الهاتف هو تماماً كمن يعمل بين أوراقه في مكتبه. قصدي القول إنها كلها صداع وأعصاب وانتظار الإجابة، التي قد لا تكون في كل الأحوال سارّة. وعند الوعكة أو اشتداد الحساسية مثل أنواء هذا الفصل، فأقرب طبيب سيقول لمريضه: خذ راحة. معنى الراحة معروف لكنه لا يشمل الحديث عن البيع والشراء وهزّ الأعصاب الذي - كما يرى الأطباء - ليس قي صالح أوردة القلب ولا الجسم بوجه عام. تكاد تكون من ثوابت الأطباء، عندنا وفي كل مكان، أن يقترح على مريضه أخذ «إجازة». وكلامهم هذا صحيح ومخلص. مبني على قواعد طبيّة متعارف عليها. لكن الزمن غيّر القياس! فعلى صعيد رجال الأعمال لا يمكن أن يتصور حامل الهاتف النقال نفسه في راحة.. حتى ولو ساعده الحظ واختار منتجعاً في جنوب فرنسا، أو ملك يختاً يطوف به ال«كوت دارزور». فالهاتف سيدق.. ليل نهار.. بانتظار القرار.. وحتى بانتظار اللاقرار.. إذاً، هذا الوضع ليس راحة، نيّة الراحة فقط..! ويُفترض في الراحة - في رأيي - أن تُبعد المرء عن المشاغل الذهنية بالدرجة الأولى، والقلق الآلي الذي صار ينتابنا بين لحظة وأخرى. لكن الراحة أو الإجازة أصبحت سحابة خوف..! في الصباح تنتظر رجل الأعمال في قسم الاستقبال في الفندق فاكسات، ورسائل صوتية، ومهاتفات تصل إلى غرفة نومه. ويترتب على هذا أن يقوم المرء بفرز الرسائل.. وقراءتها. وهذا في ظني مفهوم لا ينطبق مع مفهوم الراحة.. التي أمره بها طبيبه. نزلت في فندق في كينيا يتألف من أكواخ.. نظيفة وجميلة.. ومنها ترى الحيوانات ترد المياه شاربة.. في غرف تلك الأكواخ لا يوجد تلفزيون.. ولا هاتف.. يأتي الأكل في وقت محدد، ولست بحاجة إلى ال "روم سيرفس"، وإن سألتَ لماذا هذا؟ قالوا: ألستَ قادماً لترتاح من الهمّ والضوضاء؟! لمراسلة الكاتب: aalthekair@alriyadh.net
مشاركة :