منذ أمد طويل وعلى هذه الأرض يدور الصراع بين قوة الخير وقوة الشر، ويستمر هذا المنوال على هذه الهيئة. بيد أن الخير بيِّن والشر دوماً مخادع، يظهر لك اللطف والهدوء والرزانة، وهذه هي أدواته المعروفة، ولا يكشفها إلا اللبيب الحصيف. وفي عصرنا هذا تعيش الأمة العربية والإسلامية أزمة وجود محاور الشر التي تولدت وتكاثرت كالوباء السرطاني، الذي نشر سمومه وإرهابه بين الشعوب كي تتلاشى جميع الأنظمة؛ ومن ثم استبدالها بالفوضى الخلاقة حتى تتمكن قوة الشر من بسط نفوذها وتمكينها على أهم المناطق الحيوية وأبرزها (الدينية والاقتصادية). من خلال ضعاف النفوس وصغار العقول يمرر الشر أيديولوجيته بكل سهولة، وإن سيطر الفكر الضال فلا منقذ من هذا الضلال إلا الفكر الصالح للخير وللحياة وللبشرية جمعاء. لقد عايشنا أربعة عقود زمنية - وفي ظني - هي أخطر شيء مرت به الأمة العربية، فالحرب العراقية - الإيرانية أرهقت دول الشرق الأوسط، وما إن أخمدت هذه النيران حتى طل علينا غزو جديد على الكويت، وبعد احتلال العراق عام 2003م أخذ الإرهاب يتدفق ويسيل بالعقول. ومن هذه النقطة بدأ كل شيء يتضح، ما زاد الأمور سوءاً إلى يومنا هذا. لم تتمكن إيران من مد نفوذها بقوة السلاح، فهي أضعف من ذلك، وإنما تمكنت بنشر الطائفية، وشق البيت العربي، وزرع الاختلاف العميق المؤدي إلى التفرقة. اليوم ترمب لديه القدرة على إزالة هذا الجاثوم بأي وقت، وهو في الوقت نفسه يتمنى ألا تكون ضربة عسكرية، ومن الواضح أنه يبحث عن معالجة النظام بردعه بمزيدٍ من العقوبات الاقتصادية، أو تبدأ حكومة طهران بالرجوع إلى وضعها الطبيعي. ومثل هذا النظام لا يستطيع الرجوع، فالطريق الذي اختاره مظلماً، فقد زرع نهايته بيده، فهذه الأجندة التي أوجدها، لو تخلى عنها ستتكالب عليه؛ لأنها اعتادت أن تعيش من رمقه، سواء مالياً أو فكرياً. فحزب الله والحوثي وغيرهما لا يملكان من أمرهما شيئاً، ولا يستطيعان التقدم خطوة إلا باستشارة إيرانية، فلو غابت هذه الأخيرة عن الوجود فلن تسمع عن هذه الخلايا. إذن؛ المعضلة من هذا النظام السيئ، فعلى مدى أربعة عقود أذاق شعبه الويلات من الظلم والبؤس لم يعشه أي شعب. والحل في تقوية المعارضة الإيرانية داخلياً وخارجياً، كي تتهيأ للسيطرة بعد الضربة الأولى، التي ستشل أركان المرشد وجلاوزته.
مشاركة :