ما الذي جعل ثلة من الخارجين عن القانون المتمردين على الأعراف والسياسات الدولية يجدون لهم مريدين ومؤيدين؟ ما نقاط الجذب التي تجعل أفئدة من الناس تهوي إلى مثل هؤلاء من غلاة التشدد والتطرف؟ ما الحاجة التي يعتقدها بعض الشباب العربي والمسلم لينحازوا إلى "السيئ" حسن نصر الله أو إلى أسامة بن لادن أو البغدادي أو عبدالملك الحوثي؟ ما حجم الفراغ الذي يملأه مثل هؤلاء؟ وما حجم الافتقاد لدى الشباب إلى الرمز والأيقونة والنموذج الذي ينحازون إليه ويملؤونه تشيعا واتباعا وتأييدا. الإجابة عن كل هذه الاستفهامات هي الجديرة بحل إشكالية الانجذابات الشبابية عربيا وإسلاميا للمنظمات أو الميليشيات المتطرفة التي تعمل خارج صندوق المنطق والأخلاق وخارج النظام بما يعني - مرة أخرى - أن الحاجة في العالم العربي باتت ماسة إلى وجود الرمز والقائد الذي يمكن الانضواء تحت إمرته والإذعان لسياساته وتوجهاته. إنني هنا أجزم بأن إطلاق عاصفة الحزم بهذا التوقيت وبهذا القدر من الإتقان لجدير بأن يعيد الأمور إلى نصابها والعقول إلى رشدها والعواطف إلى عقالها. ذلك أن حجم التأييد والمساندة وما أشاعته "العاصفة" من فرح واستبشار في نفوس الشعوب العربية قد انعكس بوضوح على حجم الاصطفاف العريض من المؤيدين لهذه الخطوة على الصعيدين الشعبي والرسمي، وهذا هو الذي جعل الناس تتطلع إلى ضبط التمدد الصفوي الذي يشكل خطرا على الأمة العربية التي تعيش خلال السنوات الأخيرة وضعا مأساويا في أكثر من جهة وعلى أكثر من جبهة. وأن المضي في عاصفة الحزم إلى المدى الذي تحقق فيه أهدافها من تحجيم المطامع الفارسية لكفيل بأن يؤسس مجددا للرمزية القيادية العربية التي يقودها – بكل اقتدار – الملك سلمان بن عبدالعزيز، فهو الذي أطلق شرارة العاصفة وسار في ركبه معظم القادة والزعماء العرب والعالم الإسلامي والقيادات والزعامات الدولية. لقد أعادت عاصفة الحزم قدرا كبيرا من الثقة والاعتزاز في نفوس المواطنين الذين كانوا يتحسرون على التمزق العربي وعلى الانهزام المترسب في دواخل النفوس العربية التي عانت خلال العقدين الماضيين من التشرذم والضعف والهوان لتتأسس من جديد حالة فريدة من التضامن العربي والإسلامي. لقد أشعل جمال عبدالناصر خلال الستينات الميلادية الهاجس القومي في دول كانت للتو تمارس استقلالها من أنواع الاستعمار البريطاني والفرنسي والإيطالي، ليصبح عبدالناصر رمزا للمد القومي العربي، وبالمقابل فقد تولى الملك فيصل بن عبدالعزيز قيادة العالم الإسلامي من خلال دعوته إلى التضامن الإسلامي التي انطوت تحت لوائها معظم الدول الإسلامية. ثم ها هو الملك سلمان بن عبدالعزيز ومن خلال قيادته عاصفة الحزم يصبح أيقونة ورمزا عربيا وإسلاميا، فهو بحق يمثل لدى الأمة العربية زعيمها القومي وهو لدى دول وشعوب العالم الإسلامي قائدهم وزعيمهم الإسلامي الأول. ها هو الملك سلمان بن عبدالعزيز يعيد الاعتبار العربي في مواجهة التغول الإيراني الذي استشرى في كثير من الدول العربية حتى كاد اليأس يطبق أنفاسه على كل المتلهفين لصد هذه النزعة التوسعية الفارسية، كما أن الملك سلمان يعيد الاعتبار من خلال الشراكة الإسلامية في هذه العاصفة الحازمة لمواجهة المد الصفوي. ستثبت عاصفة الحزم علاوة على ردعها للطموحات الفارسية الطائفية أنها مع كونها تعيد صياغة العالم العربي فإنها ستلجم القيادات الإرهابية التي غررت بالشباب العربي الذي كان يتوق لقائد يتربع على منصة النموذج والرمز الذي ينحني تحت جناحه كل المتطلعين إلى عالم عربي متطور، وهو ما يمسك زمام أمره - أخيرا - خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز القائد العربي المسلم.
مشاركة :