يبحث مجلس الأمة في جلسته الخاصة اليوم عدداً من القوانين، لعل أهمها وأكثرها إثارة للجدل على الساحة، قانون تنظيم مهنة المحاماة، بعد استبعاد خريجي كلية الشريعة والدراسات الإسلامية من دخول هذا السلك. ومثل كثير من القوانين التي يبحثها مجلس الأمة، تجد المصلحة الانتخابية لنفسها مكاناً واسعاً في النقاش، وإن لم يكن يصرح بها، إلا أن النواب يرون في هذا المكسب أساساً ضرورياً لبناء رأيهم وقناعتهم في التصويت أو إدخال تعديلات، وهو ما يحصل حالياً في "مهنة المحاماة"، إذ بدأ النواب يضغطون في اتجاهين، لعل أحدهما يتحقق عبر تعديل المادة المقرة في المداولة الأولى، ليتم السماح لخريجي "الشريعة" بممارسة المهنة كما هو الوضع القائم، أما الاتجاه الآخر فينحو إلى إعطائهم دورة قانونية مدتها سنة، وعلى ضوئها يتم قبولهم وتسجيلهم في سجلات جمعية المحامين. انطلاق النواب في قراراتهم وآرائهم من أساس حماية المكتسبات الانتخابية يولّد أفكاراً خارجة عن المنطق، مما يقحم الدولة أو قطاعها المعني في سلبيات لا تُحصى، تظهر مع الممارسة والتطبيق، وهناك أمثلة عديدة آخرها ما يسمى قانون "التقاعد المبكر" الذي تم إقراره باستعجال دون نقاش، مع استبعاد الرأي الفني للمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية، ليعود النواب اليوم باحثين عن مخرج لتخفيض نسبة الاستقطاع. وبالعودة إلى المقترحات والأفكار التي يريد عدد من النواب إقحامها في "مهنة المحاماة"، والدورة القانونية التي تُخوِّل خريج "الشريعة" العمل محامياً بالقوانين الوضعية والتي لا تتقاطع مع "الشريعة" إلا في قانون الأحوال الشخصية، فإن واقع الحال يشير إلى أن هذا التوجه عبارة عن تأسيس تشريعي يعطي كل من أراد العمل في مهنة ما الحصول على دورة ليلتحق بها بغض النظر عن تحصيله العلمي؛ ووفق هذا الاتجاه فإن خريجي الكليات التطبيقية في تخصصات الهندسة سيكون أمامهم أمل في الحصول على دورة خاصة تهيئهم للعمل مهندسين، كما أن خريجي الصيدلة أو الأسنان، الذين يشاركون طلبة الطب سنواتٍ محددة من التدريس، لا تتطلب ممارستهم "الطب العام" سوى دورة أو دورتين، أي أن كل شهادة علمية متخصصة سيكون لها دورة موازية تمنح صاحبها حق ممارسة عمل لم يحصل على إجازة دراسية لممارسته. واقع الحال اليوم يقول إن مجلس الأمة، بنوابه، خرج عن عباءته التشريعية والرقابية السليمة، وارتدى ثوب الانحراف التشريعي دون أدنى اعتبار لأضرار قراراته مادامت محصلتها النهائية تحفظ له مكتسباته الانتخابية والسياسية، وهذا الانحراف زاد أكثر مع قرب نهاية الفصل التشريعي الخامس عشر. الحكومة هي الأخرى لم تعد ترى حرجاً في مشاركة من تريدهم من النواب للمحافظة على قوتهم الانتخابية، أو استخدام التشريع أداةً لعقد الصفقات، فترحب بما هو غير معقول من الاقتراحات بقوانين، وترفض ما هو مطلوب لإصلاح الأوضاع القائمة، ومهما سعت الحكومة إلى لعب دور المحايد أو تمثيله بشكل أو بآخر، فإن نوابها والمقربين إليها يعكسون نواياها الحقيقية. قانون "مهنة المحاماة" وكيفية التعامل معه حالياً صورة أخرى متكررة لوضع مأساوي ينتقده الجميع، من وزراء ونواب ومواطنين، لكنهم في واقع الحال هم من يصنعونه ويفرضونه. الظفيري: لا كلية تماثل «الحقوق» بجامعة الكويت أكد عميد كلية الحقوق د. فايز الظفيري أن خريج الكلية يجتاز، قبل تخرجه، 157 وحدة دراسية متعمقة في علوم القانون بكل أقسامها، لافتاً إلى أنه لا توجد كلية بجامعة الكويت، ومنها الشريعة، تعادل موادها ما يدرسه طلاب الحقوق، لاختلاف طبيعة العلوم ونظام الدراسة. وقال الظفيري: «لا يمكن اعتبار خريج الطب مماثلاً لخريج العلوم الطبية لاختلاف علومهما»، وكذلك فإن خريج الحقوق يخضع لنظام دراسي مختلف عن باقي الكليات. القبول بالنيابة رغم سماح قانون تنظيم القضاء بقبول خريجي كلية الشريعة إلى جانب «الحقوق»، فإن مجلس القضاء لم يتوسع في تعيينهم بالنيابة، وفي كل عام يقرر قبول ما لا يتجاوز 5 منهم من مجموع المتقدمين الذين يبلغ عددهم 100 شخص، مما يعني أن المقبولين %5، كما يخضعهم لدورة مدتها عام بمعهد القضاء، لتأهيلهم للعمل في النيابة، ثم لدورات أخرى لتأهيلهم للعمل القضائي.
مشاركة :