وافقت الحكومة الإماراتية أمس على السماح للأجانب بالتملك الكامل في الشركات العاملة ضمن العشرات من الأنشطة الاقتصادية. ويمثل القرار أحدث خطوات الدولة الخليجية الساعية لترسيخ مكانتها كأفضل وجهة بين دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا جذبا للاستثمارات. وحدد مجلس الوزراء 13 قطاعا من بينها الصناعة والزراعة والطاقة المتجددة وغيرها من القطاعات الاستراتيجية في الدولة ذات القيمة المضافة للملكية الأجنبية بالكامل. واعتبر مسؤولون وخبراء أن القرارات الجديدة تعد قفزة كبيرة نحو ترسيخ خطط الحكومة في ما يتعلق ببناء اقتصاد على أسس صلبة ومستدامة. وأكدوا أن القرار الجديد سوف يعزز مناخ الأعمال ويخلق بيئة جاذبة ومشجعة على نمو ونجاح المشاريع الاستثمارية. وكتب الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، على حسابه على موقع تويتر “ترأست اليوم جلسة لمجلس الوزراء بأبوظبي، اعتمدنا خلالها فتح 122 نشاطا اقتصاديا بالدولة للتملك بنسبة تصل إلى غاية 100 بالمئة للأجانب”. وأوضح أن قطاعات مثل الزراعة والصناعات التحويلية والطاقة المتجددة والتجارة الإلكترونية والنقل والفنون والتشييد والترفيه وغيرها ستكون مفتوحة بنسبة 100 بالمئة للاستثمار الأجنبي. وأضاف “هدفنا التحفيز والتنشيط والتسهيل ونريد فتح وتوسيع قطاعات اقتصادية جديدة واستقطاب مستثمرين جدد ومواهب جديدة ودماء جديدة وترسيخ تنافسية عالمية لاقتصادنا الوطني”.وتشمل مجالات التملك كذلك النقل والتخزين، ما يفتح المجال لتملك مشاريع في قطاع النقل الذاتي ونقل التجارة الإلكترونية وسلسلة التوريد والخدمات اللوجستية ونقل منتجات صيدلانية في ظروف التخزين البارد. وذكرت وكالة أنباء الإمارات أن الحكومات المحلية ستحدد النسبة، التي يمكن للمستثمرين الأجانب تملكها في كل نشاط، بما يشير إلى أن بعض الإمارات في البلاد قد تضع حدودا مختلفة للملكية الأجنبية في نفس القطاعات أو الأنشطة. وتلغي القواعد الجديدة شرطا اتحاديا في الإمارات، صاحبة ثاني أكبر اقتصاد في العالم العربي، لطالما حدد ملكية الأجانب في الشركات المحلية عند مستوى 49 بالمئة. وكانت الإمارات قد أقرت العام الماضي قانونا جديدا للاستثمار الأجنبي يسمح للأجانب بتملك أكثر من 49 بالمئة وحتى 100 بالمئة في بعض الشركات الإماراتية. وفي وقت لاحق من العام، قال المسؤولون إن قائمة كاملة بالقطاعات والأنشطة التي سيسري عليها القانون سَتُنشر في الربع الأول من 2019. وقالت الحكومة سابقا إن عدة قطاعات وأنشطة سَتُستثنى من التغييرات في قانون الاستثمار الأجنبي وهي تلك المرتبطة بإنتاج النفط والغاز والتنقيب عنهما، والنقل البري والجوي والأمن والجيش. وتترافق هذه التغييرات مع منح المستثمرين تأشيرات إقامة تصل إلى عشر سنوات لهم ولأفراد أسرهم، بالإضافة إلى منح تأشيرات إقامة بنفس المدة للكفاءات التخصصية في المجالات الطبية والعلمية والبحثية والتقنية ولكافة العلماء والمبدعين. ودخلت قوانين إقامة الأجانب في الإمارات في مايو الماضي مرحلة جديدة بإطلاق نظام البطاقة الذهبية، التي بدأ منحها للمستثمرين والكفاءات الاستثنائية في عدد من القطاعات التي تعزز قدرة الاقتصاد على التأقلم مع وتيرة التحولات المتسارعة.وتشير البيانات إلى أن عدد سكان الإمارات يصل إلى 10 ملايين نسمة، يشكل الأجانب نحو 90 بالمئة منهم. وتمثل الخطوة تحولا كبيرا في أنظمة دول الخليج، التي تعتمد عادة نظام الكفالة وتمنح الأجانب إقامات محدودة المدة. وكانت تأشيرة الإقامة للأجانب في الإمارات تقتصر على التجديد لعدد قليل من السنوات، ترتبط عادة بعقود أعمالهم، لكن الحكومة أعلنت العام الماضي عن خطط لتيسير قواعد منح التأشيرات. وعرفت الإمارات، صاحبة ثاني أكبر اقتصاد عربي بعد السعودية، تحوّلات اقتصادية كبيرة خلال العقدين الأخيرين، واستثمارات ضخمة في مجالات النفط والنقل والتكنولوجيا والسياحة ومعظم القطاعات الأخرى لتصبح مقرا لأعداد كبيرة من الشركات العالمية الكبرى. وتتصدّر الإمارات، العضو في منظمة الدول المصدرة للنفط، الدول العربية من ناحية الاستثمارات الخارجية المباشرة، إذ استقطبت خلال السنوات الثلاث الأخيرة 111.7 مليار دولار العام الماضي، وفق مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد). ويأتي هذا التطور المسجل منسجما مع استراتيجية الحكومة المتمثلة في أن تكون نسبة تلك الاستثمارات 5 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي بحلول العام 2021. وتجمع كافة معطيات الجهات الخبيرة بالاستثمارية العالمية على أن مؤشر تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة للإمارات يتجه نحو النمو خلال الفترة القادمة. ويرجع خبراء ذلك إلى تطور مناخ الأعمال المحفز والبنية التحتية المتطورة والسياسات المشجعة، التي أقرتها الدولة خلال السنوات الماضية وكان آخرها إصدار الحكومة لقانون الاستثمار الأجنبي. وكنتيجة مباشرة للجهود التي تبذلها الإمارات لمتابعة استراتيجيتها للتنوع الاقتصادي، فإن صافي تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر كحصة من الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي بالأسعار الجارية لا يزال يظهر نتائج إيجابية، متجاوزا الأهداف المحددة منذ 2014. وكانت الحكومة قد أطلقت في نهاية أبريل العام الماضي، برنامجا يحفز الشركات الناشئة على الابتكار، وذلك بالشراكة مع عدد من الجهات الحكومية والمؤسسات الأكاديمية والقطاع الخاص. وقال وزير الاقتصاد سلطان المنصوري خلال الإعلان عن البرنامج في ذلك الوقت إنه “يمثل نقلة نوعية في مبادرات الابتكار التي تتبناها الإمارات لتحقيق الأجندة الوطنية والمتمثلة بأن تكون الإمارات ضمن أفضل 10 دول مبتكرة في العالم بحلول عام 2021”.
مشاركة :