عندما يضع الكاتب كتاباً يكون باعتقاده أن النص مكتمل ولا يحتاج إلى شيء، وبعد أن يعود إليه يكتشف أنه يحتاج للتعديل في بعض المواضع، أو حذف هنا أو هناك. بعد مدة يكتشف مجدداً أن النص يحتاج أيضاً لتعديل وتجويد. هكذا كشف الكاتب الأردني محمود مطر محمود طوالبة، عن طقوس الكتابة وأسرارهالإبداعية لديه في جلسة تعلّم الكتابة التي نظمتها دائرة الثقافة والسياحة ـ أبوظبي، أول أمس في مكتبة «قصر الوطن» وجاءت بعنوان «ثقافة عابرة للحدود». وقدمت المحاضر فرح المهيري من دار كتّاب بدبي. وعن طقوس الكتابة وكيف تختلف من كاتب إلى آخر، قال المحاضر إنها ترتكز على عدة مراحل: أولاً، التخطيط للكتابة، ثم تأتي الفكرة إلى أن تكتمل. وأوضح أنه لا يأتي شيء مكتمل، بل نحن نطور الأفكار ونبدع باستمرار، حيث إن كل الأعمال رهينة اللحظة، والأفكار تأتي من خلال معتقداتنا وأفكارنا وثقافتنا الحالية، مبينا أنها قد تعجبنا مستقبلا ونتمسك بها، وقد نرفضها وننكرها أو نتبرأ منها، لأن الحياة تتغير ولأن العلوم والأفكار يجب أن تتطور وتبدع باستمرار. وهكذا أيضاً في مجال الكتابة، يجب أن نستمر بالتعلم الدائم وبالتجديد والتطوير لكل أدواتنا التي سنواجه بها العالم الحديث. ولفت إلى أن الذي لا يطور أسلحته «سيبقى يقاتل الرشاش بسيف عنتر.. والذي لا يتعلم سيبقى يراوح في مكانه، وسيصبح من مخلفات الماضي». وتطرق طوالبة إلى تجربته في الكتابة قائلاً، إنه كان يبحث عمن يجيبه عن أسئلة تدور في أفكاره تخص الكتابة والكاتب، وكثيراً ما كان يحظى بإجابات تحبط وتؤخر تقدمه لسنوات. وأوضح أنه لم يتخيل أن يقدم كاتب على إفشاء أسراره ببساطة لكاتب مبتدئ لا تربطه به أي علاقة أو مصلحة. خصوصا أن الكثيرين كانوا يستسلمون لفكرة أن الكتابة الإبداعية موهبة لا يمكن تعلّمها أو نقلها إلى الآخرين. وأكد أنه كان يؤمن بموهبته الكتابية، لكنه كان يبحث عن أحد ما من أجل تعلّم تقنيات كتابية مهمة وضرورية، وقال: حتى الموهوبين يحتاجون لتوجيه صحيح، أو لتدريب خاص. وأضاف: بقيت الكتابة حكراً على المحظوظين، ولا يسمح لأحد ممن يملكون حظاً أقل بالاقتراب من حصونها. حتى بدأت ورشات تعلّم الكتابة، والكتب التعليمية التي انتشرت في أوروبا وأمريكا وغزت العالم العربي، واقتنع الجميع أخيراً أن الكتابة قابلة للتعليم خصوصاً إذا توفر الميل إليها. وفي الختام، أكد طوالبة أن الكتابة تشبه حقل ألغام لا ينتهي، فيها يجب أن تبتعد عن السياسة، والجنس، والدين. ومن أسرار الكتابة أن تكتب من الأعماق، وأن تكون قارئا، فمن لا يقرأ لا يمكن أن يكتب.
مشاركة :