تغريد أبوشاور تشبّه كتابة الرواية بدخول حقل ألغام

  • 4/26/2017
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

القاصة والشاعرة تغريد أبو شاور من الأصوات القصصية التي لها حضورها المتميز في المشهد القصصي الأردني والعربي، لفنيتها ولغتها القصصية التي تقترب من القصة الشعرية، وكتب عنها العديد من الدراسات النقدية خاصة مجموعتها القصصية "نمش". وأبو شاور حاصلة بكالوريوس جغرافيا من الجامعة الأردنية، تعمل معلمة للثانوية، وتكتب في الصحف الأردنية العربية، وصدرت حديثا مجموعتها القصصية الثانية وهي بعنوان: "خرز"، ولها مخطوطة روائية أيضا ستصدر قريبا. تقول عن مجموعتها "نمش" إنها حصيلة لسنوات خبأت فيها نصوصي عن عيون الآخرين، كان ثمة صلة وثيقة تربطني بأوراق،ي الصلة صلة تمنعني من أن أفرط بما أكتبه على اعتباره سرا خاصا دافئا لا يمتلكه غيري ثم بتطور المقروء لدي كتبت قراءة في "ملحمة جلجامش" في سنتي الجامعية الثانية أدهشت كل من قرأها لغة وفهما للمعنى ومن هنا كان الدافع أو الفتيل الحقيقي للظهور. وهي ترى أنه لا سوء في الشكل التقليدي، ولا عيب لو تم اقتراح أشكال جديدة نُعنى بها ونطورها لتساهم في دعم الفكرة المطروحة، أنا مع كل ما يرفع من قدر الكتابة وضد التقليد الذي بات جليا، وربما هي طريقة رفض ضمنية ليست معلنة مني عن كل الصفحات المكرورة والإسقاطات والتداعيات والأحداث والتوارد السردي والخطابي والشعري فيما هو جديد، والقديم لم يخل أيضا ولكن كان بزهد. وفي "نمش"، حالة التمرد والانقلاب بشكل لطيف دون فجاجة في اللغة أو الطرح، كانت واضحة لمواضع ومحكات حياتية مرَّ بها كثيرون وأغمضوا عيونهم عنها وعبّروا دون مساسها، في "نمش"، وقفت عليها لإظهارها في سبيل إيجاد حل لهذه الإشكاليات التي قد تبدو بسيطة وسطحية، ولكنها هي من الأسافين التي تدق في ظهر المجتمع، لذا ارتأيت بعيني التي رأت وما جمعت من التقاطات وحيوات خفية في الأحياء والزقاق ومواقف الباصات والساحات وبيوت العبادة أن أصرخ وأصرح لبعض السوءات التي من وجهة نظري هي أرواح شريرة لا بد من التخلص منها، والواقع دافع كبير ومثير ومادة خصبة للكتابة، لا أنكر أنني في بعض المواضع كنت حادة وفجة إلى حد عتب القارئ عليّ في ارتفاع نسبة الأدرنالين لديه بعد قراءة نص أرهقه، ولكنني أؤكد له أن هذا التصعيد جاء من ألم والكتابة عن واقع مأزوم ليست بهذه الخفة أو تلك البساطة. وعن اللغة وتناصات مع الموروثات الدينية في البناء الحكائي تقول أبوشاور: المرجعية اللغوية لتلك التناصات تفيد الكاتب من ناحيتين، الأولى تضيف لمسة أصيلة للنص، والثانية، تعطيه بعدا حقيقيا ومعرفيا فكريا وثقافيا مربوطا بالوقع غير متجرد، فأنت بتراثك وبعاداتك، بتقاليدك، وبموروثاتك الاجتماعية وتشبعك بالنص الديني، تصبح على درجة عالية متكاملة مع نص لا يخلو من الحكمة والجمال والدهشة، إضافة للقوة التي تمنح للنص بعدا في حالة سخرت ووضعت في مواضعها دون تملق أو تقصد في إدراجها ضمن المحتوى، لأنه حينئذ ستكون نقطة ضعف واضحة في سردية الحكاية وضعف آخر في الكاتب الذي اتخذها لحشو الفراغات لديه، لذا لن يرحمه القارئ المتمكن لأنه حرمه من قراءة ماتعة. وحول طغيان الرواية على القصة، ترى تغريد أبوشاور أنه لن يطغى حقل على آخر طالما أن لكل مكان مريديه وعشاقه وأصحابه الذين يتفهمون تطوره ويتمرسون على إظهاره بما يليق بهم وبه ويصنعونه بماء قلوبهم. ونسألها عن جديدها فتقول: لي مجموعة جديدة صدرت حديثا بعنوان: "خرز"، بمحتوى واضح الخطوط والرؤيا واجتماعي لاذع بعض الشيء، ومجموعة أخرى في خطوطها الأخيرة وهي خاصة بالمرأة، أما دخولي لعالم الرواية فيحتاج وقت وقراءات كبيرة وكثيرة ومتعددة في صناعة الرواية عربيا وعالميا، فالرواية عالم وليست مشاهدة مباراة كرة قدم، لذا دخول هذا العالم كدخول حقل ألغام إما أن تنجو ببراعتك أو تنسف مع أول خطوة لك. وأنا أسعى جاهدة إلى تطويري عوالمي على اختلافها لذا لا يزال الوقت مبكرا رغم أنني أنجزت قبل "نمش"، رواية بعنوان: "أبيض مكتمل"، ولكنني لم أظهرها إلا لعدد من الأكاديميين والقراء البارعين وأشادوا بها، لكني عدت وأخفيتها إلى أن أراها بوضوح أكبر. • نماذج من قصص تغريد أبو شاور: قصة "بلاد العرب أوطاني"" (تُغني بصوت مرتفع "بلاد العرب أوطاني"، على إعداد فنجان قهوتها العربية الداكنة اللاذعة. تجلس قرب طفلتها مداعبة مفرق شعرِها قائلة: حلوتي جاء دوري لأشاهد الأخبار! تضجر الصغيرة وتخبئ "الريموت كنترول"، تحت ذارعها، ماما انتظري حتى تبدل الجاسوسة الصغيرة رأسها! تحرك الأم رأسها بكلتا يديها. تضج الصغيرة معنفة إياها: ماما ماذا تفعلين؟ أبدل رأسي مثل الجاسوسة! هل تبدَّل؟ تومئ الطفلة برأسها أن "لا"، إذن الرأس ثابت لا يتبدل يا جميلتي هذا "رعب"، تجيبها أمها بصمت. تحلّق الصغيرة يديها الطريتين حول رقبة أمها وتتمايل فوق ركبتيها تحاول إقناعها: ماما في "كرتونك"، شاهدت رجلا يحمل طفلة يُركّب رأسها فوق جسدها وولدا صغيرا كما "سبونج بوب"، يكبس كبسة في بطنه، فينهمر اللون الأحمر وصديقته تداعبه، تجمع اللون وتلون قميصها ويديها ترفعهما للشمس! فغرت الأم فاها وارتعش البن في فنجانها. استرسلت في صمتها والخيبة.. انسحبت الصغيرة من حضنها واستقلت دراجتها ومضت في البيت تغني "بلاد الرعب أوطانك ماما"). ومن قصصها القصيرة جدا المكثفة قصة بعنوان "حكمة حمار": (الحمار، الذي رفض أن ينقل خشبا مسروقا لبناء بيت الفلاح، رُبط إلى أعلى الشجرة وجُلد خمسين مرة! الفلاح اشترى حمارا آخر! هو الآخر رفض نقل الخشب المسروق، فرُبط إلى جوار الأول. الفلاح صار عنده حظيرة حمير مربوطة إلى شجرة لا يجاورها بيت له!)

مشاركة :