هل لدى الأمة العربية مؤسسات ثقافية تعمل للإنسان العربي وتحمي خياراته الثقافية والقومية، وتتصدى للهجوم على مكتسباته التاريخية؟ أم أن المؤسسات الثقافية العربية لا تعمل إلا لصالح الحكومات أو ضدها، والشعوب ليس من ضمن أولوياتها؟! لا يوجد لمؤسسات الفكر العربي أزمة وعي أو إنتاج ولكن يوجد لديها أزمة هدف وأزمة إنسان، لا ننكر أنه يوجد مثقف عربي يهذي فكرا وإبداعا، فكر يصنع احتفالية ومهرجانا ويعجز عن صناعة اتجاه وخط فاصل يحدد انتماءه وهويته، أو موقف ينتمي لعروبته، يتكلم بلساننا ليقطع الكلام من ألسنتنا، ويمنع حقنا في التفكير إلا بموافقة عبقريته المحبوسة بين رغبة ورغبة، بين المال والشهرة. عندما نسأل عن المؤسسات الثقافية العربية، نسأل عن دور وموقف، وليس عن قصيدة أو رواية أو جمهور، وفكر بلا موقف ينتصر لهويته وانتمائه يتحول لسلعة تعرض للبيع والشراء، فكر لا ينهض بضعف أمة ولا يحل أزمة عجز ويدافع عن وجود، يتحول لوجبة ثقيلة على البطن أو في البطن، فإن خف الرأس ثقل البطن. ذكرت في مقال سابق أن عاصفة الحزم ثقافة، اختلط بها الجهد العسكري مع الشعور القومي العربي ونتج عنها توحيد عاطفة عربية منتشية بالموقف السياسي ومستجيبة لنداءات الهوية العربية، فعرب عاصفة الحزم خياراتهم الفكرية لا تعرف إلا طريقا واحدا، وهو ألا تتراجع الثقافة العربية عن ركب الكرامة الذي رسمت مساره العاصفة، مسار يتجه نحو الرياض والقاهرة وأبوظبي والرباط والخرطوم والكويت والدوحة والمنامة وعمان وشقيقاتهم العربيات، لا يعرف مسار طهران. باسم المواطن العربي نطلب من المؤسسات الثقافية العربية موقفا يلبي تطلعات الإنسان العربي، موقفا يقاطع الثقافية الفارسية والتواصل معها وإصدار بيانات تعبر عن هذا الموقف، ويتوقف عن الاحتفاء بالدراما الفارسية في القنوات العربية، ويحرم كل عربي ارتبط ماديا أو شعوريا بالمؤسسات الإيرانية أن يكون له إنتاج فكري أو ثقافي مرحب به في المؤسسات الثقافية العربية، الانتصار إن لم يتجسد ثقافيا لن يصمد طويلا وسوف يسقط مع أول محاولة مناورة جديدة أو مصلحة جديدة، فلا بد أن تحيا الثقافة العربية على دم الطفل السوري الذي قتل بيد إيرانية، وأن تجيب نداء النساء في العراق المحتجزات بأمر الولي الفقيه، ثقافة تقفل الدكاكين الثقافية التي فتحتها طهران بالمنطقة وقذف تجارها بعارهم الثقافي. إن الصمت عن عربدة إيران الثقافية في المنطقة لن يتوقف إلا بموقف صارم من المؤسسات الثقافية العربية، فالدعوة لمقاطعة ثقافة فارس دعوة لضرب المشروع الإيراني الذي فرّق العربي عن شقيقه العربي باسم الطائفة، المشروع الثقافي العربي سلاح نافذ موجود في مخازن المؤسسات وفي رؤوس المفكرين إن لم يجد له طريقا نحو الميادين العربية سوف تأكل آفة الطائفية ما تبقى من قوته الفاعلة والمخلصة من هيمنة الدخلاء والمغتصبين، إن لم تتصدَ المؤسسات الثقافية العربية لهجوم الثقافات المعادية، فلتصبر على حجر الجمهور العربي. لمراسلة الكاتب: malmutairi@alriyadh.net
مشاركة :