بسالة الجندي السعودي في مكافحة الإرهاب جعلت منه بطلا - كما هي عادته - ورمزا وطنيا لهذه المرحلة، فقد اصبح عنوانا نستدل به على خارطة التضحيات في هذا البلد، فبين عملية وعملية تُرسم في مدننا خطوط جديدة للبطولة، فالشهيد قدم روحه ليعطينا وطنا يستحق تضحية الشهيد. هذا البلد جاء من دم الشهداء ولم يصنع من اتفاقيات دولية ولا حسابات مصالح لاطراف خارجية، فحكاية دم الشهيد هي حكاية بناء وطن، من فجر تاريخ دولته الاولى والثانية الى تاريخ الموحد وصولا الى هذه المرحلة، كم من شهيد سال دمه على هذه الارض الطاهرة، وكم من شهيد خلده دمه ولم تخلده كتب الثقافة، فانتقالنا من مرحلة لمرحلة بآأمان كان له ثمن غال جدا، فما مدى تقديرنا لهذا الثمن؟ كم حكاية بطل شهيد صنع تاريخنا يعرفها هذا الجيل، وكم شهيدة انجبت عزا ومجدا ولم نعرف عنها شيئا.. استشهاد جنودنا البواسل في معركة الارهاب عززت افكارا جديدة للنشيد الوطني والثقافة الوطنية وروح الانتماء الخالدة، شهيد الوطن اليوم هو حفيد الشهيد للتأسيس، فهذا الاتصال في تقديم التضحيات هو عنوان ثقافتنا الوطنية التي تحتاج إلى الكتابة عنها بما تستحق. الشهادة في سبيل الوطن ثقافة وليست مجالس عزاء، تحتاج لمبدع ينقلها الى وعي الناس وضمائرهم ودموعهم، نريد ان يتحرك المثقف في المسرح ويجسد الشهادة بفن، والتشكيلي يعيد الحياة بريشته لثقافة الشهادة، والمؤرخ يجمع الجد مع الحفيد في نص خالد يشاهد قبل ان يقرأ.. لا يعقل الا نجد هذا الا بالقصيدة النبطية التي جمعت فخر الماضي مع فخر الحاضر وغنت للوطن. لدينا دارة الملك عبدالعزيز وجمعية للثقافة والفنون ووزارة للثقافة وغيرها من المؤسسات المعنية بالتاريخ والثقافة، جميعها مطالبة بانتاج تضحيات شهداء الوطن باشكال ابداعية تخلد دم الشهيد وتعلم هذا الجيل ثمن الانتماء والانتساب للوطن، وهذه الجهات ليست عاجزة عن رسم خطوط عريضة لهذه الثقافة وتقدم دعوة للمبدعين لبناء تفاصليها بلغة الوطن الخالدة.. عندما نتكلم في الندوات عن الوطنية وإنتاج خطاب يحاكيها في الولاء، لا نريد ان نحتفل في ندوات لاتكاد تتجاوز حدود المشاركين والحاضرين لها.. فإنشاء مركز ثقافي للشهيد بتعاون المؤسسات المعنية بالثقافة، قد يكون هو الطريق الصحيح لبناء ثقافة وطنية لانها ثقافة تكتب بدم الشهداء.. فالشهيد ليس انسانا قدم حياته ورحل، بل فعل تاريخي غيّر مسار الاحداث لصالح وطن وبنى واقعا آمنا.. الشهيد هو اللبنة الاولى الذي أسهم بتضحيته في استقرار أمن الوطن.. وارتفع بها ومازال. لمراسلة الكاتب: malmutairi@alriyadh.net
مشاركة :