فضيحة خاقان عباسي تسلط الضوء على المال القطري "الفاسد"

  • 7/23/2019
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

إسلام أباد/الدوحة - سلطت التحقيقات مع رئيس الوزراء الباكستاني السابق ونائب رئيس الرابطة الإسلامية الباكستانية شاهيد خاقان عباسي، الضوء على تغلغل المال القطري "الفاسد" في صفقات الطاقة وغيرها من الصفقات الكبيرة وأعادت للأذهان شبكة العلاقات المعقدة التي بنتها الدوحة مع مسؤولين كبار في عدة دول استدرجتهم برشاوى ضخمة لتأمين نفوذها ومصالحها التجارية. ولا تشكل قضية الفساد الحالية التي تحقق فيها السلطات الباكستانية مع خاقان عباسي الذي جرى اعتقاله يوم الخميس الماضي، استثناء في خضم فضائح فساد أخرى كانت قطر طرفا فيها. ولم تهدأ بعد فضيحة الفساد في بنك باركليز البريطاني بعد أن كشفت مداولات قضائية في المملكة المتحدة في هذه القضية الدور القطري فيها وأن رئيس الوزراء القطري السابق حمد بن جاسم آل ثاني طلب رسوما شخصية (عمولة) خلال مكالمة هاتفية مع مسؤولي البنك في العام 2008، حتى تفجرت فضيحة منح رئيس الوزراء الباكستاني الأسبق عقد استيراد للغاز الطبيعي المسال من شركة قطر للغاز بعدة مليارات روبية في عام 2013، عندما كان وزيرا للنفط والموارد الطبيعية. وتحدث موقع شبكة تلفزيون "جيو" الباكستاني ووسائل إعلام محلية عن قائمة الاتهامات التي يواجهها خاقان عباسي ومن ضمنها تلقيه رشوة من حمد بن جاسم مقابل توقيع عقد استيراد للغاز الطبيعي المسال من شركة قطر للغاز. وبحسب تقرير نشره موقع قناة العربية نقلا عن وسائل إعلام باكستانية، بدأت فصول قضية الفساد عندما قدم رئيس الوزراء القطري السابق حمد بن جاسم رشوة عبارة عن شقتين في لندن إلى رئيس الوزراء السابق نواز شريف لتسهيل تمرير اتفاق الغاز الطبيعي المسال بين قطر وباكستان. وبالفعل أبرمت حكومة نواز شريف حينها العقد الذي وقعه خاقان عباسي حين كان يشغل منصب وزير للنفط. ويقبع نواز شريف حاليا في السجن لمدة سبع سنوات في قضية فساد منفصلة بعد أن تمت إقالته من منصبه في 2017. وتضمنت لائحة الاتهام التي قدمت هيئة مكافحة الفساد إلى محكمة المحاسبة الوطنية في باكستان "المخالفات والجرائم" التي يشتبه في أن خاقان عباسي ارتكبها لتسهيل إتمام التعاقد على صفقات الغاز الطبيعي المسال مع شركة مملوكة للقطري خالد بن خليفة آل ثاني. ومن ضمن الاتهامات التي يواجهها المسؤول الباكستاني السابق إساءة استخدام السلطة في اختيار الاستشاريين لعملية تقديم العطاءات، ما يعتبر حسب القانون الباكستاني انتهاكا للوائح استشارات المشتريات لعام 2010. كما يواجه اتهاما بإساءة استخدام السلطة في إسناد الأنشطة المتعلقة بالغاز الطبيعي المسال إلى شركة إنتر ستيت غاز سيستيمز (الخاصة) المحدودة لإنشاء محطة للغاز الطبيعي المسال بدلا من شركة سوي سازرن غاز للغاز الطبيعي المسال وهي وكالة الشراء الفعلية للغاز الطبيعي المسال. وبحسب المصدر ذاته تضمنت لائحة الاتهام: مخالفة اللوائح والقواعد بالاختيار المباشر لشركة قانونية هي شركة مافريك الاستشارية، والتعاقد معها أثناء عملية الاستشارات واستغلال النفوذ بشكل مخالف للقوانين كوزير في مراحل التشاور خلال اتفاقية بيع الغاز الطبيعي المسال بغرض ترسية العقد لصالح شركة "انغرو". ولائحة الاتهامات طويلة، إلا أنها تختزل في مجملها التفاصيل المعقدة لإسناد العقد للشركة القطرية وتسلل المال القطري إلى مفاصل وزارة النفط الباكستانية وهو أمر يكاد يكون مشابها لقضايا فساد أخرى متناثرة تورطت فيها الدوحة من السياسة إلى الرياضة إلى الطاقة والمصارف. وتتوالى فضائح ملفات الفساد والرشاوى التي دفعت لنيل قطر استضافة البطولات الرياضية الدولية، يوما بعد يوم، وآخرها رسائل بريد إلكتروني كشفت تحويلات مالية مشبوهة تورط رئيس ديوان أمير دولة قطر تميم آل ثاني. وفي يونيو/حزيران الماضي كشفت صحيفة "ذا غارديان" البريطانية في تقرير تناول ملف فساد يدين الدوحة، بسبب تورط أحد أفراد العائلة القطرية المالكة عبر رسائل بريد إلكترونية مسربة في صفقة يجري التحقيق فيها حول نيل حقوق تنظيم بطولة العالم لألعاب القوى 2017 واستضافة أولمبياد 2020. وقالت الصحيفة البريطانية إن المحققين الفرنسيين قضوا ثلاث سنوات للتدقيق في تحويلات مالية مشبوهة بقيمة 3.5 مليون دولار تمت في شهري أكتوبر/تشرين الأول وأخرى في نوفمبر/تشرين الثاني 2011 ، أي قبل شهر من تصويت الجمعية الدولية لاتحادات ألعاب القوى (IAAF) لتحديد الدولة التي ستستضيف بطولة العالم لعام 2017. وكشف التقرير أن رسائل البريد الإلكتروني التي اطلعت عليها الصحيفة البريطانية وموقع "ميديابارت" الفرنسي، تشير إلى مناقشات حول تحويل مبالغ مالية إلى بابا ماساتا دياك ابن السنغالي لامين دياك رئيس الاتحاد الدولي لألعاب القوى، عبر حساب يديره الشيخ خالد بن خليفة آل ثاني رئيس ديوان الشيخ تميم بن حمد أمير قطر، قبيل تحويل مبلغ 3.5 مليون دولار مرتين. وقالت "ذا غارديان" إن الأموال التي دفعت من الجانب القطري كانت لشراء حقوق بث المسابقات في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، مقابل حصول الدوحة على تنظيم نسخة العام الجاري. وأضافت أن المحققين الفرنسيين شككوا في البداية أن التحويلات ربما كانت رشوة لكسب أصوات قطر للحدث الذي فازت به بريطانيا في النهاية. وقبل أشهر ألقت السلطات الفرنسية القبض على الرئيس السابق للاتحاد الأوروبي لكرة القدم (يويفا) الفرنسي ميشيل بلاتيني لاستجوابه في ما يتعلق بالتحقيق الجنائي المرتبط بمنح قطر حق استضافة مونديال 2022. وقالت مصادر صحفية بريطانية حينها إن شرطة مكافحة الفساد في نانتير غرب باريس، أخلت سبيل بلاتيني الموقوف عن ممارسة أي نشاط كروي، بعد 24 ساعة من التحقيق في كيفية خسارة الولايات المتحدة في التصويت على كأس عالم 2022 أمام قطر وعلاقة ذلك باجتماع في باريس شارك فيه الرئيس الفرنسي آنذاك نيكولا ساركوزي وبلاتيني وأمير قطر تميم بن حمد آل ثاني. وتشير تقارير غربية متطابقة إلى استخدام الدوحة لأذرعها المالية في العالم للسيطرة على صناع القرار في عدد من الدول وتوظيف ذلك في خدمة أجندتها السياسية الإقليمية والدولية. وسبق لأحزاب أوروبية معظمها يمينية أن أثارت في السنوات الماضية ملف المال القطري ومحاولات تغلغل الدوحة في المؤسسات الأوروبية أو إيجاد موطئ قدم لها في الضواحي التي تقطنها غالبية من العرب والمسلمين. كما أثار تدفق المال القطري على دول افريقية وفي ساحات ملتهبة ريبة من حيث توقيته وأهدافه وقلقا بالغا من توظيف الاستثمارات الضخمة لشراء الذمم لتوجيه سياسات تلك الدول واللعب على سياسات المحاور أو لتأجيج الصراعات الداخلية على غرار ما يحدث في ليبيا أو سوريا أو لبنان. وكان المال القطري الذي تدفق على قطاع غزة المحاصر في الفترة الماضية قد أثار على سبيل الذكر لا الحصر جدلا وغضبا فلسطينيا حيث تجاوزت الدوحة القنوات الرسمية الفلسطينية المعنية ونسقت مع حماس وإسرائيل.

مشاركة :