هذه الأجهزة اليدوية الذكية لم تعد بذات البراءة التي نتصوّرها، بمعنى أن لها جانبًا مظلمًا يظل كامنًا حتى يشرع أحدنا في استثارته، ومحاولة سبر أغواره، والكشف عن قدراته التي تغذيها الشهوات والرغبات المعوجة. صحيح أن التقنية الحديثة تيسر الغواية، لكنها النفس البشرية هي التي تسعى إلى دفع صاحبها إلى طريق الغواية. والغواية هنا الاتصال بالجنس الآخر، أو حتى بالجنس المماثل المنحرف. لم يكن ذلك سهلاً في الماضي، بيد أنه يزداد سهولة مع ظهور مزيد من التطبيقات الظاهرة والخفية التي تسهل التواصل بين طرفين بعيدين، ليكون اللقاء أولاً عن بُعد، وليتم التواصل عبر الكلمات والنصوص والمشاهد والمقاطع، تمهيدًا للقاء عن قرب، ثم وقوع ما لا يُحمد عقباه، وما يُخشى شديد عقوبته في الدنيا فضلاً عن الآخرة. وأشد الأطراف خضوعًا لهذه التسهيلات المحرّمة أولئك الذين لا يقدّرون للحياة الزوجية قدرها، ولا يحفظون عهدها، ولا يخشون مآلات العبث بها. هنا تكمن الكارثة خاصة إذا استمرأ أحد الزوجين هذه العلاقة المحرّمة، ففاض في أوحالها، وأوهم نفسه بحلاوتها، وهي رجس وخبث ووبال. وأكثر الضحايا هنا الإناث، فهن إمّا زوجات مظلومات مبتليات بأزواج عصاة بغاة، أو كنّ الطرف الآخر في العلاقة المحرّمة، إذ يدفعن الثمن في الحالة الثانية مضاعفًا من شرفهنّ، ومن راحة ضمائرهنّ، وسكينة نفوسهنّ. لكن كيف السبيل إلى تفادي هذه البلية الكبرى! المواجهة هي أول سلاح يمكن إشهاره إذا ثبت لأحد الزوجين غواية شريكه. لكن برفق في المرة الأولى، فلعل الندم يكون حقيقيًّا، والتوبة صادقة. وهنا لا بد من الابتعاد عن الجهاز الآثم، اقتداء بسيدنا موسى عليه السلام، إذ حطّم العجل المصنوع من ذهب، ونسفه في اليم نسفًا، فذهب بلا رجعة. الجهاز الذكي هنا هو وسيلة الاقتراب من الحرام، والتوجيه الرباني يقول: (ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن)، فضلاً عن إتيانها وفعلها. باختصار كلّ ما قرّب إلى جريمة أخلاقية بات محظورًا أو داخلاً في دائرة النهي المغلظ. اللهم آتِ نفوسنا تقواها، وزكّها أنت خير مَن زكّاها. salem_sahab@hotmail.com
مشاركة :